للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: لَا غُرْمَ لَهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ قَتْلَهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَغْرَمُ لَهُ قِيمَتَهَا لِاسْتِهْلَاكِهَا عَلَيْهِ وَيَكُونُ غُرْمُهَا عَلَى مَنْ أَتَاهَا لِاسْتِهْلَاكِهَا بفعله.

[(فصل)]

[الشهادة على الزنا]

وأما الفصل الثالث فِي الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ.

أَمَّا الزِّنَا وَاللِّوَاطُ فلا يقبل في الشهادة عليها أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ عُدُولٍ، سَوَاءٌ كَانَ فِي رَجْمٍ أَوْ جَلَدٍ، عَلَى حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥] ولقوله تعالى: {لولا جاؤوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ١٣] .

وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ حِينَ سَأَلَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أَقْتُلُهُ أَوْ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا حَتَّى تَأْتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ كَفَى بِالسَّيْفِ شا) يعني شاهد عَلَيْكَ، وَلِأَنَّ الشَّهَادَاتِ تَتَغَلَّظُ بِتَغْلِيظِ الْمَشْهُودِ فِيهِ، فلما كَانَ الزِّنَا وَاللِّوَاطُ مِنْ أَغْلَظِ الْفَوَاحِشِ الْمَحْظُورَةِ وآخرها كَانَتِ الشَّهَادَةُ فِيهِ أَغْلَظَ؛ لِيَكُونَ أَسْتَرَ لِلْمَحَارِمِ، وَأَنْفَى لِلْمَعَرَّةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُسْمَعَ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: تُسْمَعُ فِيهِ شَهَادَةَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ مَذْهَبِهِ أَنْ تُسْمَعَ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ وَأَرْبَعُ نسوة، وليس كذلك يصح؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ رُخْصَةٌ فِيمَا خَفَّ وَهُوَ الْأَمْوَالُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُسْمَعَ فِي مَوَاضِعَ التَّغْلِيظِ.

فَأَمَّا الشَّهَادَةُ فِي إِتْيَانِ الْبَهَائِمِ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُوجِبًا لِلْحَدِّ لَمْ يُسْمَعْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ عُدُولٍ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُوجِبًا لِلتَّعْزِيرِ دُونَ الْحَدِّ فَفِيهِ وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَى مَنْ أَتَى امْرَأَةً دُونَ الْفَرْجِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا يسمع فيها أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسٍ تَغَلَّظَتْ فِيهِ الشَّهَادَةُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيِّ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ، أَنَّهُ يُسْمَعُ فيها شَاهِدَانِ لِخُرُوجِهِ عَنْ حُكْمِ الزِّنَا فِي الْحَدِّ، فَخَرَجَ عَنْ حُكْمِهِ فِي الشَّهَادَةِ.

وَقَالَ أَبُو حنيفة: يسمع في اللواط وإتيان البهائم ووطء الْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ الْقُبُلِ شَاهِدَانِ بِنَاءً عَلَى أصله.

<<  <  ج: ص:  >  >>