للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مسألة]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " غرمنه أو لم يغرمنه ولو كان كما قال محمد بن الحسن إذا أفلس أو مات مفلسا رجع على المحيل لما صبر المحتال على من أحيل لأن حقه ثابت على المحيل ولا يخلو من أن يكون حقه قد تحول عني فصار إلى غيري فلم يأخذني بما برئت منه لأن أفلس غيري أو لا يكون حقه تحول عني فلم أبرأني منه قبل أن يفلس المحال عليه واحتج محمد بن الحسن بأن عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِي الْحَوَالَةِ أَوِ الْكَفَالَةِ يَرْجِعُ صَاحِبُهَا لَا تَوَى عَلَى مال مسلم وهو عندي يبطل من وجهين ولو صح ما كان له فيه شيء لأنه لا يدري قال ذلك في الحوالة أو الكفالة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا أَحَالَهُ بِالْحَقِّ عَلَى رَجُلٍ فَكَانَ وَقْتَ الْحَوَالَةِ مُعْسِرًا لَمْ يَرْجِعِ الْمُحْتَالُ كَمَا لَوْ حَدَثَ إِعْسَارٌ سَوَاءٌ غَرَّهُ بِذِكْرِ يَسَارِهِ أَوْ لَمْ يَغُرَّهُ وقال مالك: إن غره بذكر يساره يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَغُرَّهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِنَا كُلِّهِمْ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ بِالْغُرُورِ فِي الْعَيْبِ وَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ الْمُحْتَالُ بِالْغُرُورِ فِي الْيَسَارِ.

وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ الْإِعْسَارَ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الرُّجُوعَ إِذَا لَمْ يَكُنْ غُرُورًا وَكَذَا لَا يَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ مَعَ الْغُرُورِ وَالْعُيُوب لَمَّا رَجَعَ بِهَا مَعَ عَدَمِ الْغُرُورِ بِهَا رَجَعَ بِهَا مَعَ الْغُرُورِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إِعْسَارَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ قَدْ يصل إليه من غير المحيل فلم يكون لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا مَعَ الْغُرُورِ، وَالْعُيُوبُ قَدْ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْبَائِعِ فَلِذَلِكَ رَجَعَ بِهَا مَعَ الْغُرُورِ فَصَحَّ أَنْ لَا رُجُوعَ لِلْمُحْتَالِ بِإِعْسَارِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ إِعْسَارًا حَادِثًا أَوْ سَالِفًا مَغْرُورًا بِهِ أَوْ غَيْرَ مَغْرُورٍ.

(مَسَائِلُ الْمُزَنِيِّ)

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ المزني: " هذه مسائل تحريت فيها معاني جوابات الشافعي في الحوالة (قال المزني) قلت أنا من ذَلِكَ وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَحَالَ الْبَائِعُ بِالْأَلْفِ عَلَى رَجُلٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاحْتَالَ ثُمَّ إِنَّ الْمُشْتَرِيَ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بَطُلَتِ الْحَوَالَةُ وَإِنْ رَدَّ الْعَبْدَ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ الْبَائِعُ مَا احْتَالَ بِهِ رَجَعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَكَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مِنْهُ بَرِيئًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ إِنَّ الْمُشْتَرِيَ أَحَالَ الْبَائِعَ بِالْأَلْفِ عَلَى رَجُلٍ لِلْمُشْتَرِي عَلَيْهِ أَلْفٌ، فَكَانَ الْمُشْتَرِي مُحِيلًا وَالْبَائِعُ مُحْتَالًا وَالْأَجْنَبِيُّ مُحَالًا عَلَيْهِ، وَفِي مَذْهَبِنَا عَلَى مَا بَيَّنَّا إِنَّ الْحَوَالَةَ تَتِمُّ بِالْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ وَلَيْسَ رِضَا

<<  <  ج: ص:  >  >>