وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ نَقْصُهَا غَيْرَ مُمَيَّزٍ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ مُمَيَّزًا وَلَمْ يَكُنْ تَبَعًا لِمَا بَقِيَ كَعَبْدَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ ثَوْبَيْنِ تَلِفَ أَحَدُهُمَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْبَاقِي مِنْهُمَا بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَقِسْطِهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ كَانَ مُقْسَطًا عَلَيْهِمَا وَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِحِصَّةِ التَّالِفِ مِنْهُمَا وَيَكُونُ الثَّمَنُ مُقْسَطًا عَلَى قِيمَتِهِمَا، لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُمَاثَلُ الْأَجْزَاءِ مِثْلَ: قَفِيزَيْنِ مِنْ طَعَامٍ يَتْلِفُ أَحَدُهُمَا وَيَبْقَى الْآخَرُ فَيَأْخُذُ الْبَاقِي مِنْهُمَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِيَقْسِطَ ذَلِكَ عَلَى أَجْزَائِهِمَا وَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي مِنَ الثَّمَنِ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّالِفُ مِنْهُمَا بِاسْتِهْلَاكٍ مِنْهُ أَمْ لَا فَإِنْ قِيلَ فَهَلَّا كَانَ فِيمَا يَأْخُذُ الْبَاقِي بِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: بِجَمِيعِ الثَّمَنِ:
وَالثَّانِي: بِحِسَابِهِ كَمَا لَوْ تَلِفَ حِينَ الْعَقْدِ كَانَ فِيمَا يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي بِهِ قَوْلَانِ؟ قِيلَ قَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَغْلَطُ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ وَيُخَرِّجُهُ عَلَى قَوْلَيْنِ وَامْتَنَعَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ أَنْ يُخَرِّجُوهُ عَلَى قَوْلَيْنِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَوَائِلَ الْعُقُودِ تُؤَكَّدُ بِمَا لَا يُؤَكَّدُ بِهِ أَوَاخِرُهَا فَدَعَتِ الضَّرُورَةُ فِي تَفْرِيقِ الصفقة ليأكد الْعَقْدُ فِي أَوَّلِهِ أَنْ يُجْعَلَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ حَتَّى لَا يُوقِعَ جَهَالَةً فِي الثَّمَنِ فَبَطَلَ الْعَقْدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي اسْتِرْجَاعِ الْبَائِعِ لَهُ بِفَلَسِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْنِفْ عَقْدًا تَقَعُ الْجَهَالَةُ فِي ثَمَنِهِ، فَهَذَا حُكْمُ النَّقْصِ إِذَا تَمَيَّزَ وَانْفَصَلَ.
(فَصْلٌ)
وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
ضَرْبٌ يُمْكِنُ إِفْرَادُهُ، وَضَرْبٌ لَا يُمْكِنُ إِفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ إِفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ مِثْلَ عَوَرِ الْعَبْدِ أَوْ ذَهَابِ يَدِهِ أَوْ هُزَالِهِ بَعْدَ سِمَنِهِ لَمْ يَخْلُ ذَلِكَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَادِثٍ مِنَ السَّمَاءِ
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِجِنَايَةِ الْمُشْتَرِي.
وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ هَذَا النَّقْصُ بِحَادِثٍ مِنَ السَّمَاءِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ نَاقِصًا بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَلَا يَرْجِعَ عَلَى الْمُفْلِسِ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ نَقْصِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ ضَمَنَهُ بِثَمَنِهِ وَمَنْ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِثَمَنِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَرْشَ نَقْصِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ مِنْ يَدِهِ كَالْبَائِعِ لَمَّا ضَمِنَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ دُونَ قِيمَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنْ نَقْصِهِ فِي يَدِهِ وَكَانَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِلْغَاصِبِ، لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا كَانَ ضَامِنًا لِلشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ بِقِيمَتِهِ دُونَ ثَمَنِهِ ضَمِنَ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنَ النَّقْصِ فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ هَذَا النَّقْصُ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ فَأَرْشُهَا مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِجِنَايَتِهِ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ نَاقِصًا بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعَ بِأَرْشِ النَّقْصِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى جِنَايَتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِ بَائِعِهِ فَجَنَى عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ وَأَخَذَ أَرْشَ نَقْصِهِ وَإِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute