للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَتِهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَكَانَتْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْخُلْعِ وَفَسْخِهِ، فَإِنْ أَمْضَتِ الْخُلْعَ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ بِعَيْنِهِ سَلَّمَتْهُ إِلَى الزَّوْجِ وَبَرِئَ الْوَكِيلُ مِنْ ضَمَانِهِ إِنْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ، وَإِنْ فَسَخَتْهُ لَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، فَإِذَا أَخَذَهُ الزَّوْجُ فَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْوَكِيلِ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ بِعَيْنِ الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إِلَّا قِيمَتُهُ، وَقَدْ أَخَذَهَا مِنَ الزَّوْجَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى الْوَكِيلِ إِنْ كَانَ ضَامِنًا بِالْفَاضِلِ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَهَذَا حُكْمُ الْوَكَالَةِ إِذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً.

(فَصْلٌ:)

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ مُقَيَّدَةً كَأَنَّهَا ذَكَرَتْ لَهُ جِنْسًا مِنَ الْمَالِ مُقَدَّرًا تَخَالَعَ بِهِ عَنْهَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مَا عَيَّنَتْ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ الْمُخَالَعَةُ بِهِ، وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ وُجُوهٍ إِمَّا لِكَوْنِهِ مَغْصُوبًا، أَوْ لِكَوْنِهِ مَرْهُونًا، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ مُحَرَّمًا مِنْ وَقْفٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا مَعَ هَذَا النَّصِّ إِلَّا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ أَطْلَقَتْ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ فَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْوَكِيلُ عَلَى مَا مَضَى مِنَ التَّقْسِيمِ، لِأَنَّ النَّصَّ غَيْرُ مُقَيَّدٍ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَا نَصَّتْ عَلَيْهِ يَجُوزُ الْخُلْعُ بِهِ كَأَنَّهَا أَمَرَتْهُ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَلِلْوَكِيلِ حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يُخَالِعَ بِمَا أَمَرَتْ بِهِ، وَلَا يَعْدِلَ عَنْهُ، فَالْخُلْعُ جَائِزٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ الْوَكِيلُ، لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَمِ، وَكَانَ مُسَلَّطًا عَلَى تَسْلِيمِ الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ، لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مِنْ لَوَازِمِ الْإِذْنِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَالٍ فِي الذِّمَّةِ كَانَ ضَمَانُهُ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَهَلْ يَكُونُ الْوَكِيلُ مُسَلَّطًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدِ إِذْنٍ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ كَالْمُعَيَّنِ لِاسْتِحْقَاقِهِمَا مَعًا بِالْإِذْنِ الْمُتَقَدِّمِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا بِإِذْنِهَا بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا خِيَارَ لَهَا فِي الْعُدُولِ عَنْهُ فَجَازَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُسَلَّطَ عَلَى أَخْذِهِ، وَلَهَا فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَنْ تَعْدِلَ إِلَى مَا شَاءَتْ مِنْ جِنْسِهِ، فَلَمْ يَتَسَلَّطِ الْوَكِيلُ عَلَى أَخْذِهِ وَقُطِعَ خِيَارُهَا فِيهِ، فَلَوْ أَذِنَتْ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَخَالَعَ عَنْهَا بِخَمْسِينَ أَوْ أَذِنَتْ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا بِعَبْدٍ فَخَالَعَ عَنْهَا بِبَعْضِهِ لَزِمَ فِي الْحَالَيْنِ، لِأَنَّهُ إِذَا لَزِمَهَا بِالْأَكْثَرِ كَانَ الْأَقَلُّ أَلْزَمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>