للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابٌ فِي نَصَارَى الْعَرَبِ تُضَعَّفُ عَلَيْهُمِ الصَّدَقَةُ ومسلك الجزية)

[(مسألة)]

: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " اخْتَلَفَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي نَصَارَى الْعَرَبِ مِنْ تَنُوخَ وَبَهْرَاءَ وَبَنِي تَغْلِبَ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يُضَعِّفَ عَلَيْهُمُ الْجِزْيَةَ وَلَا يُكْرَهُوا على غير دينهم وهكذا حفظ أهل المغازي قالوا رامهم عمر على الجزية فقالوا نَحْنُ عَرَبٌ لَا نُؤَدِّي مَا يُؤَدِّي الْعَجَمُ، وَلَكِنْ خُذْ مِنَّا كَمَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بعض يعنون الصدقة فقال عمر رضي الله عنه لا، هذا فرض على المسلمين فقالوا فزد مَا شِئْتَ بِهَذَا الِاسْمِ لَا بِاسْمِ الْجِزْيَةِ فراضاهم على أن يضعف عليهم الصدقة (قال) فإذا ضعفها عليهم فانظر إلى مواشيهم وذهبهم وورقهم وأطعمتهم وما أصابوا من معادن بلادهم وركازها وكل أمر أخذ فيه من مسلم خمس فخذ خمسين أو عشر فخذ عشرين أو نصف عشر فخذ عشرا أو ربع عشر فخذ نصف عشر وكذلك ماشيتهم خذ الضعف منها ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا دِينُ الْعَرَبِ، فَلَمْ يَكُونُوا أَهْلَ كِتَابٍ، وَكَانُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ، فَجَاوَرَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْيَهُودَ، فَتَهَوَّدُوا وَجَاوَرَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ النَّصَارَى، فَتَنَصَّرُوا، فَكَانَ فِي قَحْطَانَ بِالشَّامِ تَنُوخُ وَبَهْرَاءُ وَبَنُو تَغْلِبَ مُجَاوِرِينَ لِلنَّصَارَى، فَتَنَصَّرُوا وَأَشْكَلَتْ حَالُهُمْ عِنْدَ فَتْحِ الشَّامِ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَلْ دَخَلُوا فِي النَّصْرَانِيَّةِ قَبْلَ التَّبْدِيلِ فَيُقَرُّونَ أَوْ بَعْدَ التَّبْدِيلِ مَعَ الْمُبَدِّلِينَ، فَلَا يُقَرُّونَ، فَغَلَّبَ فِيهِمْ حُكْمَ الْحَظْرِ فِي حَقْنِ دِمَائِهِمْ، وَتَحْرِيمِ مَنَاكِحِهِمْ وَذَبَائِحِهِمْ، فَأَقَرَّهُمْ عَلَى هَذَا، وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ أَلَّا يُنَصِّرُوا أَوْلَادَهُمْ، ثُمَّ طَالَبَهُمْ بِالْجِزْيَةِ حِينَ أَقَرَّهُمْ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ، فَأَبَوْا أَنَفَةً مِنْ ذُلِّ الْجِزْيَةِ، وَقَالُوا: نَحْنُ عَرَبٌ لَا نُؤَدِّي مَا يُؤَدِّي الْعَجَمُ، وَلَكِنْ خُذْ مِنَّا كَمَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ الصَّدَقَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا آخُذُ مِنْ مُشْرِكٍ صَدَقَةً فَرَضَهَا اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طُهْرَةً فَنَفَرَ بَعْضُهُمْ وَلَحِقَ بِالرُّومِ، وَكَادَ الْبَاقُونَ أَنْ يَلْحَقُوا بِهِمْ، فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ التَّغْلِبِيُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إن للقوم بأسا وشدة، فلا تعز عَدُوَّكَ بِهِمْ، وَخُذْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ، فَأَعَادَ مَنْ رَحَلَ إِلَى مَنْ أَقَامَ، وَقَالُوا: زِدْ مَا شِئْتَ بِهَذَا الِاسْمِ لَا بِاسْمِ الْجِزْيَةِ، فَرَاضَاهُمْ عُمَرُ عَلَى أَنْ أَضْعَفَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ وَجَعَلُوهَا جِزْيَةً بِاسْمِ الصَّدَقَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>