للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: الِاعْتِبَارُ بِالْأَغْلَبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الزَّرْعَ لَا يَتَرَدَّدُ بَيْنَ إِسْقَاطٍ وَإِيجَابٍ، فَلِذَلِكَ اعْتُبِرَ حُكْمُ الْأَغْلَبِ فِيهِ، وَالْمَاشِيَةُ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ إِسْقَاطٍ وإيجاب، فلذلك غلب حكم الإسقاط والله أعلم بالصواب.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ " (قَالَ) وَلَا صَدَقَةَ فِي خيلٍ وَلَا فِي شيءٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ عَدَا الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِدَلَالَةِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في ذلك (قال المزني) قال قائلون في الإبل والبقر والغنم المستعملة وغير المستعملة ومعلوفة وغير معلوفةٍ سواء فالزكاة فيها لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فرض فيها الزكاة وهو قول المدنيين يقال لهم وبالله التوفيق وكذلك فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الزكاة في الذهب والورق كما فرضها في الإبل والبقر فزعمتم أن ما استعمل من الذهب والورق فلا زكاة فيه وهي ذهب وورق كما أن الماشية إبلٌ وبقرٌ فإذا أزلتم الزكاة عما استعمل من الذهب والورق فأزيلوها عما استعمل من الإبل والبقر لأن مخرج قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في ذلك واحدٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

أَمَّا الرَّقِيقُ فَلَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنْ لَا زَكَاةَ فِي أَعْيَانِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا لِلتِّجَارَةِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي قِيمَتِهِمْ، أَوْ فِي الْفِطْرِ فَتَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ، وَلِهَذَا مَوْضِعٌ فَأَمَّا الْخَيْلُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا بِحَالٍ كَالْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ، سَوَاءٌ كَانَتْ سَائِمَةً أَوْ مَعْلُوفَةً ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ، وأبي يوسف ومحمد.

وَقَالَ أبو حنيفة وزفر: إِنْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَالْمَاشِيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ سَائِمَةً: فَإِنْ كَانَتْ ذُكُورًا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ إِنَاثًا أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَفِيهَا الزَّكَاةُ، وَرَبُّهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخْرَجَ عَنْ كُلِّ فَرَسٍ دِينَارًا وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَأَخْرَجَ رُبُعَ عُشْرِ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ نصاب، احتجاجاً برواية جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فِي كُلِّ فرسٍ سَائِمَةٍ دينارٌ، وَلَيْسَ في المرابطة شيء وبرواية عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال " الخيل ثلاث لرجلٍ أجرٌ ولآخر شينٌ، وَعَلَى آخَرَ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ الْأَجْرُ فَالَّذِي يُمْسِكُهَا تَعَفُّفًا وَتَجَمُّلًا، فَلَا يَنْسَى حَقَّ الله في طهورها ورقابها " ومما رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>