وَالثَّانِي: أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَفَقَةً، فَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَى الْإِمَامِ، وَإِنَّمَا هِيَ وَاجِبَةٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَعَلَى الْإِمَامِ إِخْرَاجُهَا كَمَا وَجَبَتْ نفقة اليتيم من ماله ووجب على وليه إخراجها فإما احتجاجهم بحدث ابْنِ عُمَرَ فَجَوَابُنَا لَهُمْ فِي الزَّوْجَةِ كَجَوَابِنَا لِدَاوُدَ فِي الْعَبْدِ، وَقَدْ مَضَى، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الزَّوْجِ، وَعَلَى الْخَلِيَّةِ غَيْرِ ذَاتِ الزَّوْجِ فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجِ فِي مَالِهِ، وَنَفَقَةُ غَيْرِ ذَاتِ الزَّوْجِ فِي مَالِهَا كَانَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ تَبَعًا لَهَا، وَلَمَّا وَجَبَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا كَانَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ تَبَعًا لَهَا.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَوَاتِ فَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَحَمَّلْ بِالنَّسَبِ وَالْمِلْكِ لَمْ يَتَحَمَّلْ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَلَمَّا كَانَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ تُتَحَمَّلُ بِالنَّسَبِ وَالْمِلْكِ جَازَ أَنْ تُتَحَمَّلَ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْمُسْتَأْجَرَةِ فَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّ نَفَقَتَهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَلِذَلِكَ لَمْ تَجِبْ زَكَاةُ فِطْرِهَا، وَلَمَّا كَانَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَاجِبَةً، كَانَتْ زَكَاةُ فِطْرِهَا وَاجِبَةً.
فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ عَلَى الزَّوْجِ زَكَاةَ فِطْرِهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَيْفِيَّةِ وُجُوبِهَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أنها وجبت عليه ابْتِدَاءِ وُجُوبِ حَوَالَةٍ فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ الزوج معسراً، وهي معسرة لم يلزمها إخراج الزكاة عَنْ نَفْسِهَا، لِأَنَّ الْوُجُوبَ لَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَيْهَا ولم يلزم الزوج إخراجها عَنْهَا، لِأَنَّ إِعْسَارَهُ بِهَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِهَا.
والوجه الثاني: أنها وجبت ابتداء على الزوج ثُمَّ يَحْمِلُهَا الزَّوْجُ تَحَمُّلَ ضَمَانٍ فَعَلَى هَذَا وهو في الزوج أظهر منه فِي الْعَبْدِ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا، وَهِيَ مُوسِرَةٌ وَجَبَ عَلَيْهَا إِخْرَاجُ الْفِطْرَةِ عَنْ نَفْسِهَا لِأَنَّ الْوُجُوبَ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْهَا، وَالزَّوْجُ بِإِعْسَارِهِ لَا يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ عَنْهَا فَإِنْ أَيْسَرَ الزَّوْجُ فِي ثَانِي حَالٍ رَجَعَتْ بِذَلِكَ عَلَيْهِ، كَمَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ بَعْدَ يَسَارِهِ، فَلَوْ نَشَزَتْ عَلَى زَوْجِهَا عِنْدَ إِهْلَالِ شَوَّالٍ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهَا وَلَا زَكَاةُ فِطْرِهَا، لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ تَابِعَةٌ لَهَا فِي الْوُجُوبِ وَالسُّقُوطِ، وَيَلْزَمُهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ نَفْسِهَا إِنْ كَانَتْ وَاجِدَةً.
: فَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فَضَرْبَانِ: رَجْعِيَّةٌ وَبَائِنَةٌ فَالرَّجْعِيَّةُ لَهَا النَّفَقَةُ فِي عِدَّتِهَا، وَعَلَى الزوج زكاة فطرها فأما الباين فَلَهَا حَالَانِ حَامِلٌ وَحَائِلٌ، فَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا فَلَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجُ لَهَا زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ وَهَلْ عَلَى الزَّوْجِ زَكَاةُ الْفِطْرَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مُخَرَّجَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي نَفَقَةِ الْحَامِلِ هَلْ وَجَبَتْ لَهَا أَوْ لِحَمْلِهَا، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ النَّفَقَةَ وَجَبَتْ لَهَا فَعَلَى الزَّوْجِ زَكَاةُ فِطْرِهَا تَبَعًا لِلنَّفَقَةِ وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ لِحَمْلِهَا لَمْ يَلْزَمِ الزَّوْجُ زَكَاةَ فِطْرِهَا لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَيْسَتْ لَهَا، وَالْحَمْلُ لَا يُزَكَّى عَنْهُ.
: فَأَمَّا خَادِمُ الزَّوْجَةِ فَمُعْتَبَرَةٌ بِحَالِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُخْدَمُ مِثْلُهَا فِي الْغَالِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute