الجدتين أراد أم لا فقال: من جعلهما جَدَّةً عَلَى الْإِطْلَاقِ إِنَّهُ لَا يُجَابُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ أَيِّ الْجَدَّتَيْنِ أَرَادَ وَقَالَ مَنْ جَعَلَهَا جَدَّةً بِالتَّقْيِيدِ إِنَّهُ يُجَابُ عَنْ أُمِّ الْأُمِّ حَتَّى يَذْكُرَ أَنَّهُ أَرَادَ أُمَّ الْأَبِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يَنْظُرَ فَإِنْ كَانَ مِيرَاثُهَا يَخْتَلِفُ فِي الْفَرِيضَةِ بِوُجُودِ الْأَبِ الَّذِي يَحْجُبُ أُمَّهُ لَمْ يُجِبْ عَنْ سُؤَالِهِ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ أي الجدتين سأل وإن كان ميراثها لَا يَخْتَلِفُ أُجِيبَ وَلَمْ يَسْأَلْ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي عَدَدٍ مَنَ يَرِثُ مِنَ الْجَدَّاتِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا أُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتِهِمَا وَإِنْ عَلَوْنَ وَلَا أُوَرِّثُ أُمَّ الْجَدِّ وَإِنِ انْفَرَدَتْ وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَدَاوُدُ وَرَوَاهُ أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ اسْتِدْلَالًا بِقَضِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي تَوْرِيثِ جَدَّتَيْنِ وَكَمَا لَا يَرِثُ أَكْثَرُ مِنْ أَبَوَيْنِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا أُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ جَدَّاتٍ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَةِ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَطْعَمَ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ قَالَ مَنْصُورٌ فَقُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ مَنْ هُنَّ فَقَالَ جَدَّتَا الْأَبِ أُمُّ أَبِيهِ وَأُمُّ أُمِّهِ وَجَدَّةُ الْأُمِّ أُمُّ أُمِّهَا.
وَذَهَبُ الشَّافِعِيُّ وأبو حنيفة إِلَى تَوْرِيثِ الْجَدَّاتِ وَإِنْ كَثُرْنَ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ لِاشْتِرَاكِهِنَّ في الولادة ومحادتهن فِي الدَّرَجَةِ وَتَسَاوِيهِنَّ فِي الْإِدْلَاءِ بِوَارِثٍ وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثُ تُوجَدُ فِيهِنَّ وَإِنْ كَثُرْنَ.
فَأَمَّا تَوْرِيثُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا الْجَدَّتَيْنِ فَإِنَّمَا وَرَّثَا مَنْ حَضَرَهُمَا مِنَ الْجَدَّاتِ وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُمَا مَنْعُ مَنْ زَادَ عَلَيْهِمَا وَهَكَذَا الْمَرْوِيُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه أطعم ثلاث جدات ولا يَمْنَعُ مِنْ إِطْعَامِ مَنْ زَادَ عَلَيْهِنَّ وَلَيْسَ بممتنع أَنْ يُوَرِّثَ أَكْثَرَ مِنْ أَعْدَادِ الْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُنَّ يَكْثُرْنَ إِذَا عَلَوْنَ.
فَصْلٌ:
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُنَّ يَرِثْنَ وَإِنْ كَثُرْنَ فَلَا مِيرَاثَ مِنْهُنَّ لِأُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أَبٌ بَيْنَ أُمَّيْنِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سيرين أم أبي الأم وراثة وإن أدلت بذكر لا يرث لِمَا فِيهَا مِنَ الْوِلَادَةِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ.
وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنِ مَسْعُودٍ فَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ.
وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ بَلَغَهُ أَنَّ أربع جدات ترافعن إِلَى مَسْرُوقٍ فَوَرَّثَ ثَلَاثًا وَأَطْرَحَ وَاحِدَةً هِيَ أُمُّ أَبِي الْأُمِّ فَقَالَ أَخْطَأَ أَبُو عَائِشَةَ لها السُّدُسُ لِلْجَدَّاتِ طُعْمَةً وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وأبو حنيفة إِلَى أَنَّ أُمَّ أَبِي الْأُمِّ لَا تَرِثُ وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين لإدلائهما بِمَنْ لَا يَرِثُ وَقَدْ تَمَهَّدَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ حُكْمَ الْمُدْلَى بِهِ أَقْوَى فِي الْمِيرَاثِ مِنْ حُكْمِ الْمُدْلِي لِأَنَّ الْأَخَوَاتِ يَرِثْنَ وَلَا يَرِثُ مَنْ أَدْلَى بِهِنَّ وَلَيْسَ يُوجَدُ وَارِثٌ يُدْلِي بِغَيْرِ وَارِثٍ فَلَمَّا كَانَ أَبُو الْأُمِّ غَيْرَ وَارِثٍ كَانَتْ أُمُّهُ الَّتِي أَدْلَتْ بِهِ أَوْلَى أَنْ تَكُونَ غَيْرَ وَارِثَةٍ.
مَسْأَلَةٌ:
قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ قَرُبَ بَعْضُهُنَّ دُونَ بَعْضٍ فَكَانَتِ الْأَقْرَبَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فِهِيَ أَوْلَى وَإِنْ كَانَتِ الأبعد شاركت في السدس وأقرب اللائي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ تَحْجُبُ بُعْدَاهُنَّ وَكَذَلِكَ تَحْجُبُ أقرب اللائي من قبل الأم بعداهن ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute