فَأَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ بِكَوْنِ الْمَبِيعِ مَغْصُوبًا فَوَجَبَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى ضَامِنِ الدَّرْكِ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَى الضَّامِنِ أَوِ الْبَائِعِ؟
وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فِيهَا عَلَى الْبَائِعِ دُونَ ضَامِنِ الدَّرْكِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ فِيهَا مُسْتَحَقٌّ بِتَرَاضِيهِمَا فَلَمْ يُضْطَّرَّ الْمُشْتَرِي إِلَى اسْتِدْرَاكِ حَقِّهِ بِضَمَانِ الدَّرْكِ. وَأَمَّا الْفَسْخُ بِالْعَيْبِ فَفِي الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى ضَامِنِ الدَّرْكِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُرْجَعُ بِهِ عَلَى ضَامِنِ الدَّرْكِ لِأَنَّهُ يُرْجَعُ بِهِ جَبْرًا مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ فَصَارَ كَالِاسْتِحْقَاقِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى صَاحِبِ الدرك لأن رده واستحقاق ثمنه عن رضى منه واختيار كالإقالة.
وهكذا الرجوع بأرض الْعَيْبِ عَلَى ضَامِنِ الدَّرْكِ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ كَأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنَ الثَّمَنِ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا اسْتِحْقَاقُ بَعْضِ الْمَبِيعِ فَمُوجِبٌ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِيهِ وَفِي بطلانه في باقيه قَوْلَانِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ فِي الْجَمِيعِ، فَعَلَى هَذَا يُرْجَعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى ضَامِنَ الدَّرْكِ.
وَالثَّانِي: بَاطِلٌ فِي الْمُسْتَحَقِّ صَحِيحٌ فِي الْبَاقِي، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ اسْتِحْقَاقُ بَعْضِهِ عَيْبًا فِي بَاقِيهِ فَيَكُونُ بِالْخِيَارِ فِيهِ، فَإِنْ أَقَامَ عَلَيْهِ رَجَعَ بِثَمَنِ الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَى ضَامِنِ الدَّرْكِ وَإِنْ فَسَخَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ، وَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ مَا فُسِخَ فِيهِ الْبَيْعُ من باقيه؟ على ما ذكرناه من وجهين:
فَصْلٌ
: وَإِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا وَغَرَسَ ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ مِنْهُ فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي حُكْمِ غَرْسِ الْمُشْتَرِي وَبِنَائِهِ، فَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا عَلَى الْبَائِعِ وَيَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَخْذِ الْغَرْسِ مِنَ الْبَائِعِ وَقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا وَبَيْنَ إِجْبَارِهِ عَلَى قَلْعِهِ.
وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِالْغَصْبِ عِنْدَ غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ قَائِمًا أَوْ يُقِرَّهُ فَيَكُونُ شَرِيكًا لَهُ فِي الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا أَخَذَ بِالْقَلْعِ لِأَنَّهُ تَعَدَّى عَلَى الْبَائِعِ فِي الْحَالَيْنِ.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَأْخُوذٌ بِقَلْعِ غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ وَغَرِمَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ بِقَلْعِهِ عَالِمًا بِالْحَالِ أَوْ جَاهِلًا، ثُمَّ لَهُ إِنْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا بَيْنَ قِيمَةِ غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ قَائِمًا وَمَقْلُوعًا وَبِمَا غَرِمَ مِنْ نَقْصِ الْأَرْضِ بِالْقَلْعِ لِأَنَّهُ قَدْ أَلْجَأَهُ