للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: قَدْ لَزِمَهُ فَسْخُهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ اخْتِيَارُهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْحَالِ لِعَدَمِ غَيْرِهَا فَلَمَّا وَجَدَ غَيْرَهَا صَارَ مُؤَثِّرًا والله أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَسْلَمَ الْإِمَاءُ مَعَهُ وَعُتِقْنَ وَتَخَلَفَتْ حرةٌ وَقَفَ نِكَاحُ الْإِمَاءِ فَإِنْ أَسْلَمَتِ الْحُرَّةُ انْفَسَخَ نكاح الإماء ولو اختار منهن واحدةٌ ولم تسلم الحرة ثبتت ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي حُرٍّ تَزَوَّجَ فِي الشرك أربع زوجات إماء وحرة خَامِسَة ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَ مَعَهُ الْإِمَاءُ، وَحَالُهُ حال من ينكح الإماء ويقف نِكَاحُ الْإِمَاءِ عَلَى إِسْلَامِ الْحُرَّةِ، فَإِنْ عَتَقَ الْإِمَاءُ قَبْلَ إِسْلَامِ الْحُرَّةِ فَحُكْمُ نِكَاحِهِنَّ نِكَاحُ الْحَرَائِرِ، وَإِنْ عَتَقْنَ بَعْدَ اجْتِمَاعِ إِسْلَامِهِنَّ مَعَ الزَّوْجِ فَإِنَّ حُكْمَهُنَّ حُكْمُ نِكَاحِ الْإِمَاءِ، وَإِنْ صِرْنَ حَرَائِرَ اعْتِبَارًا بِحَالِهِنَّ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ ولا اعتبار بما حدث بعدها ممن عتقهنَّ، كَمَا يُعْتَبَرُ حَالُ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ دُونَ مَا حَدَثَ بَعْدَهَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، قِيلَ: لَيْسَ لَكَ أَنْ تَخْتَارَ مِنَ الْإِمَاءِ وَإِنْ عَتَقْنَ أَحَدًا مَا كَانَتِ الْحُرَّةُ بَاقِيَةً فِي عِدَّتِهَا، فَإِنِ اخْتَارَ مِنْهُنَّ واحدة لَمْ يَصِحَّ اخْتِيَارُهَا فِي الْحَالِ وَرُوعِيَ إِسْلَامُ الْحُرَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا، وَمَلَكَ نِكَاحَ الْإِمَاءِ الْمُعْتَقَاتِ كُلِّهِنَّ الْمُخْتَارَةُ مِنْهُنَّ وَغَيْرُهَا، وَإِنْ لَمْ تُسْلِمِ الْحُرَّةُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يختار واحدة من المعتقان وَلَا يَزِيدَ عَلَيْهَا، وَهَلْ يَثْبُتُ نِكَاحُ الْمُخْتَارَةِ مِنْهُنَّ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فَإِنِ اخْتَارَ منهن واحدة ولم تسلم الحرة ثبت " فاختلف أصحابنا فيه على وجهين:

أحدهما: ثبت إن استأنف اختيارها، فأما بالاختيار الْأَوَّل فَلَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتِ الِاخْتِيَارُ فِي الْحَالِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى ثَانِي حَالٍ فَبَطَلَ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ اخْتِيَارِ تِلْكَ الْأُولَى وَاخْتِيَارِ غَيْرِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَثْبُتُ بِالِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَيَكُونُ حُكْمُ الِاخْتِيَارِ مَوْقُوفًا، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ مَوْقُوفًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَكُونَ مِلْكُ الْخِيَارِ مَوْقُوفًا عَلَى إِسْلَامِ الْحُرَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلْخِيَارِ، وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لَهُ جَازَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْخِيَارِ مَوْقُوفًا عَلَى إِسْلَامِ الْحُرَّةِ.

فَإِنْ أَسْلَمَتْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ، وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ عُلِمَ أنه يثبت، فلو قال في الاختيار الأول إن تُسْلِمِ الْحُرَّةُ فَقَدِ اخْتَرْتُكُنَّ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الِاخْتِيَارُ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّ هَذَا خِيَارٌ مَوْقُوفُ الأصل لا موقوف الحكم، ونحن إما نُجَوِّزُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَقْفَ حُكْمِهِ لَا وقف أصله فتصور فرق بينهما.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَلَوْ عَتَقْنَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمْنَ كُنَّ كَمَنِ ابتدئ نِكَاحُهُ وَهُنَّ حَرَائِرُ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>