للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَصَاةً بَعْدَ حَصَاةٍ فَبَطَلَ بِهَذَا قَوْلُ أبي حنيفة وَعَطَاءٍ، فَإِنْ قِيلَ الرَّمْيُ كَالْحَدِّ فِي اعْتِبَارِ الْعَدَدِ ثُمَّ لَوْ ضُرِبَ بِمِائَةِ سَوْطٍ دَفْعَةً وَاحِدَةً كَانَ كَضَرْبِهِ مِائَةَ سَوْطٍ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ رَمْيُهُ بِالسَّبْعِ فِي دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ كرميه سبع حَصَيَاتٍ قِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَدَّ عِبَادَةٌ وجبت على المحدود. قد وصل إلى بدنه ضرب مائة فكان وصول مائة سوط دفعة واحدة كوصول الصوت الْوَاحِدِ مِائَةَ دَفْعَةٍ، لِأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إِلَى بَدَنِهِ ضَرْبُ مِائَةٍ وَالرَّمْيُ عِبَادَةٌ عَلَى الرَّامِي وَلَيْسَ رَمْيُهُ بِالسَّبْعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً كَرَمْيِهِ بِسَبْعِ دَفْعَاتٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ سَبْعُ رَمْيَاتٍ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ أَعْدَادَ الرَّمْيِ مَقْصُودٌ وَأَنَّ تَرْتِيبَ الْجَمَرَاتِ وَاجِبٌ فَرَمَى فِي الْجَمْرَةِ الْأُولَى بِالسَّبْعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَرَمَى فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ حَصَاةً بَعْدَ حَصَاةٍ كَانَ رَمْيُهُ بِالسَّبْعِ فِي الْجَمْرَةِ الْأُولَى كَرَمْيِهِ بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ فَيُكْمِلُ رَمْيَ الْأُولَى بِسِتِّ حَصَيَاتٍ لِيُكْمِلَ سَبْعًا وَيَسْتَأْنِفَ رَمْيَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِيَكُونَ مُرَتَّبًا وَلَوْ رَمَى في الأولى سبع مرات وَرَمَى فِي الثَّانِيَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ اعْتَدَّ بِرَمْيِ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَبِحَصَاةٍ مِنَ الثَّانِيَةِ وَكَمَّلَهَا سَبْعًا بِسِتِّ رَمْيَاتٍ وَاسْتَأْنَفَ رَمْيَ الثَّالِثَةِ وَلَوْ رَمَى فِي الْأُولَى سَبْعَ مَرَّاتٍ وَفِي الثَّانِيَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَفِي الثَّالِثَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ اعْتَدَّ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَحَصَاةٍ مِنَ الثَّالِثَةِ وَكَمَّلَهَا سَبْعًا بِسِتِّ رَمْيَاتٍ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ رَمَى فِي أَحَدِ الْجَمَرَاتِ بِالسَّبْعِ دَفْعَةً وَلَيْسَ يُعَرِّفُهَا حَسَبَهَا الْأُولَى تَغْلِيظًا وَكَمَّلَ رَمْيَهَا وَاسْتَأْنَفَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَعَادَ فَرَمَى حَصَاةً مِنْ تِلْكَ الْجَمْرَةِ لِيُكْمِلَ سَبْعًا وَاسْتَأْنَفَ مَا يليها.

مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ نَسِيَ مِنَ الْيَوْمِ الْأُوَلِ شَيْئًا مِنَ الرَّمْيِ رَمَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَمَا نَسِيَهُ فِي الثَّانِي رَمَاهُ فِي الثَالِثِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَا تَرَكَهُ مِنْ رَمْيِ أَيَّامِ مِنًى ثُمَّ ذَكَرَهُ مِنْ بَعْدُ لَمْ يحل حَالُهُ فِيهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ تنقضي أيام منى أو لا تنقضي فإذا انْقَضَتْ أَيَّامُ مِنًى لَمْ يَقْضِ رَمْيَ مَا تَرَكَهُ لَا يَخْتَلِفُ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ سَوَاءٌ تركه عامداً أو ناسياً، لأن المناسك الموقتة لَا تُقْضَى بَعْدَ فَوَاتِ أَوْقَاتِهَا كَتَرْكِ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَلَيَالِي مِنًى لَا تُقْضَى بَعْدَ فَوَاتِهَا وَإِنْ لَمْ يَنْقَضِ أَيَّامُ مِنًى كَأَنَّهُ تَرَكَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَهَلْ يَقْضِي فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَا تَرَكَ مِنْ رَمْيِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ وَأَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ إِنَّهُ يَقْضِي فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَا تَرَكَ مِنْ رَمْيِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ.

وَالثَّانِي: وَتَكُونُ أَيَّامُ مِنًى كُلُّهَا زَمَانًا لِلرَّمْيِ لَا يَفُوتُ الرَّمْيُ فِيهَا إِلَّا بِخُرُوجِ جَمِيعِهَا، لِأَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَخَّصَ لِرُعَاةِ الْإِبِلِ وَأَهَّلِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ أَنْ يَدَعُوا رَمْيَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَيَقْضُوهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَعُلِمَ أَنَّ حُكْمَ جَمِيعِهَا وَاحِدٌ وَأَنَّهَا زَمَانٌ لِلرَّمْيِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>