للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهَا صَارَتْ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَمَتَهُ وَأُمَّ وَلَدِهِ، قَضَاءً بِالشَّهَادَةِ.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا الْوَلَدُ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي كُتُبِهِ، أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مَا ادَّعَاهُ مِنْ نَسَبِهِ وَحُرِّيَّتِهِ، وَيَكُونُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ فِيهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ وَلَدُهُ مَعَ يَمِينِهِ، كَمَا لَوْ تَجَرَّدَتِ الدَّعْوَى عَنْ بَيِّنَةٍ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِهَا شَاهِدَانِ، فَيُحْكَمَ لَهُ بِالنَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ، لِأَنَّ الدَّعْوَى لَوِ انْفَرَدَتْ بِنَسَبِهِ وَبِحُرِّيَّتِهِ لَمْ يُحْكَمْ فِيهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ كَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بِادِّعَاءِ أَمَتِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَحَكَّاهُ الْمُزَنِيُّ عَنْهُ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي كُتُبِهِ أَنَّهُ يَصِيرُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ تَبَعًا لِأُمِّهِ فِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ وَحُرِّيَّتِهِ، لِأَنَّهَا فِي الدَّعْوَى أَصْلٌ مَتْبُوعٌ، وَهُوَ فِيهَا فَرْعٌ تَابِعٌ، فَأَوْجَبَ ثُبُوتُ الْأَصْلِ ثُبُوتَ فَرْعِهِ، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ الْمُزَنِيُّ بِمَا حَكَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ لِيَسْتَرِقَّهُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدَهُ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَغَصَبَهُ صَاحِبُ الْيَدِ، بَعْدَ حُرِّيَّتِهِ، وَأَقَامَ بِمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْمِلْكِ وَالْعِتْقِ شَاهِدًا وَيَمِينًا قُضِيَ لَهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُ الدَّعْوَى اسْتِحْقَاقَ الْوَلَاءِ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِدَعْوَى رِقٍّ وَعِتْقٍ. كَذَلِكَ دَعْوَى الْوَلَدِ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِرِقِّ أُمِّهِ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي حُكْمِ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ الْمُزَنِيُّ مِنْ دَعْوَى الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ، فَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا، وَلَا يُفَرِّقُ وَيَمْنَعُ مِنْ ثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ وَعِتْقِ الْعَبْدِ، وَإِنْ خَرَّجَ فِي نَسَبِ الْوَلَدِ قَوْلٌ ثَانٍ خَرَجَ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ.

وَذَهَبَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا إِلَى تَصْحِيحِ مَا قَالَهُ الْمُزَنِيُّ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَسَبِ الْوَلَدِ بِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ جَرَى عَلَيْهِ رِقٌّ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، فَاسْتَصْحَبَ حُكْمُهُ فِيهِ، وَإِنْ عُتِقَ بِإِقْرَارِ مَالِكِهِ، وَالْوَلَدُ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ رِقٌّ يَسْتَصْحِبُ حُكْمُهُ فِيهِ، فَتَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُ بِإِثْبَاتِ النَّسَبِ الَّذِي لَا يُحْكَمُ فِيهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.

فَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لَهَا فِي الْبُنُوَّةِ، فَهِيَ تَابِعَةٌ لَهُ فِي الْحُرِّيَّةِ، لِأَنَّهَا تُعْتَقُ بحريته.

[(مسألة)]

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا أَنْ أَبَاهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الدَّارِ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً مَوْقُوفَةً وَعَلَى أَخَوَيْنِ لَهُ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى أَوْلَادِهِمْ أَوْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَمَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ ثَبَتَ حَقُّهُ وَصَارَ ما بقي ميراثا فإن حلفوا معا خرجت الدار من ملك صاحبها إلى من جعلت له حياته ومضى الحكم فيها لهم فمن جاء بعدهم ممن وقفت عليه إذا ماتوا قام مقام الوارث وإن لم يحلف إلا واحد فنصيبه منها وهو الثلث صدقة على ما شهد به شاهده ثم نصيبه على من تصدق به أبوه عليه بعده أخويه فإن قال الذين تصدق به عليهم بعد الاثنين نحن نحلف على ما أبى أن يحلف عليه الاثنان ففيها

<<  <  ج: ص:  >  >>