وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ السَّقْيُ مُضِرًّا بِالنَّخْلِ وَالثَّمَرَةِ فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ النَّخْلِ أَنْ يَسْقِيَ كَانَ لِصَاحِبِ الثَّمَرَةِ أَنْ يَمْنَعَهُ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ وَيَضُرُّ غَيْرَهُ.
وَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الثَّمَرَةِ أَنْ يَسْقِيَ كَانَ لِصَاحِبِ النَّخْلِ أَنْ يَمْنَعَهُ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ وَيَضُرُّ غَيْرَهُ.
فَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الثَّمَرَةِ أُرِيدُ أَنْ آخُذَ الْمَاءَ الَّذِي كُنْتُ أَسْتَحِقُّهُ لِسَقْيِ ثَمَرَتِي فَأَسْقِي بِهِ غَيْرَهَا مِنَ الثِّمَارِ أَوِ الزَّرْعِ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ ثَمَرَتَهُ قَبْلَ وَقْتِ جِذَاذِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّهُ لِسَقْيِهَا إِلَى وَقْتِ الْجِذَاذِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَسْتَحِقُّ مِنَ الْمَاءِ مَا فِيهِ صَلَاحُ تِلْكَ الثَّمَرَةِ دُونَ غَيْرِهَا.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ السَّقْيُ نَافِعًا لِلنَّخْلِ مُضِرًّا بِالثَّمَرَةِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ لِصَاحِبِ النَّخْلِ أَنْ يَسْقِيَ مَعَ مَا فِي السَّقْيِ مِنْ مَضَرَّةِ الثَّمَرَةِ؟ .
فَحُكِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لِصَاحِبِ الثَّمَرَةِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ السَّقْيِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَضَرَّةِ الثَّمَرَةِ، فَإِذَا مَنَعَهُ كَانَ لِصَاحِبِ النَّخْلِ فَسْخُ الْعَقْدِ لِمَا يَلْحَقُهُ فِي مَنْعِ السَّقْيِ مِنَ الْمَضَرَّةِ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبِ النَّخْلِ أَنْ يَسْقِيَ وَيُجْبِرَ صَاحِبَ الثَّمَرَةِ عَلَى تَمْكِينِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ حُقُوقِ مِلْكِهِ وَلَا خيار، ثم مؤنه السقي ها هنا عَلَى صَاحِبِ النَّخْلِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمَنْفَعَةِ.
وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ السَّقْيُ نَافِعًا لِلثَّمَرَةِ مُضِرًّا بِالنَّخْلِ فعلى قول أبي إسحاق المروزي لصاحب الثمرة أَنْ يَسْقِيَ لِصَلَاحِ ثَمَرَتِهِ، وَلِصَاحِبِ النَّخْلِ فَسْخُ الْبَيْعِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْإِضْرَارِ بِنَخْلِهِ.
وَعَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ له أَنْ يَسْقِيَ ثَمَرَتَهُ جَبْرًا وَلَا خِيَارَ لِصَاحِبِ النَّخْلِ. فَلَوِ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ السَّقْيِ لَمْ يُرْجَعْ فِيهِ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَسُئِلَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِالثَّمَرَةِ، فَمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ قَدْرَ كِفَايَتِهَا كَانَ عَلَى صَاحِبِ النَّخْلِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ دُونَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَوِ التَّقْصِيرِ عَنْهُ.
فَصْلٌ:
فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمَاءُ مُتَعَذَّرًا فَلَا يَخْلُو حَالُ تَعَذُّرِهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِإِعْوَازِ الْمَاءِ أَوْ لِفَسَادِ آلَتِهِ. فَإِنْ كَانَ تَعَذُّرُ الْمَاءِ لِإِعْوَازِهِ سَقَطَ حُكْمُ السَّقْيِ ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُ الثَّمَرَةِ فِي تَرْكِهَا عَلَى النَّخْلِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ تَرْكُهَا بِغَيْرِ سُقْيٍ يَضُرُّ بِالنَّخْلِ وَبِهَا فَقَطْعُهَا وَاجِبٌ وَلِرَبِّ النَّخْلِ أَنْ يُجْبِرَ صَاحِبَ الثَّمَرَةِ عَلَى قَطْعِهَا لِأَنَّ فِيهِ مَضَرَّةً بِالنَّخْلِ وَلَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلثَّمَرَةِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ تَرْكُهَا غَيْرَ مُضِرٍّ بِالنَّخْلِ وَلَا بِهَا فَلَهُ تَرْكُ الثَّمَرَةِ إِلَى وَقْتِ جِذَاذِهَا لِأَنَّهُ لَا مَضَرَّةَ عَلَى صَاحِبِ النَّخْلِ فِي تَرْكِهَا.