للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، يُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ مَخْرَجُ الْقَوْلِ مِنْ مَالِكٍ، جَازَ الْأَمْرُ فَإِذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ تَعَلَّقَ بِهِ سِتَّةُ أَحْكَامٍ:

أَحَدُهَا: لُزُومُ حُكْمِهِ لِلسَّيِّدِ وَالْعَبْدِ، فَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ وَلَا لِلْعَبْدِ رَفْعُهُ، وَلَا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى فَسْخِهِ، لِأَنَّ الصِّفَاتِ لَا يَلْحَقُهَا فَسْخٌ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ هَذَا الْمَالِ، لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، وَهَذَا الْمَالُ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ متى مات السيد بطلت الصفة، ولم يعتق الْعَبْدُ بِدَفْعِ، الْأَلْفِ إِلَى غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ صِفَةُ قَوْلِهِ: إِنْ دَفَعْتَ إِلَيَّ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ بِهَا كَسْبَ نَفْسِهِ وَأَكْسَابُهُ تَكُونُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ يُوجِبُ تَمَلُّكَ الْكَسْبِ.

وَالْخَامِسُ: أَنَّ مَا فَضَلَ فِي يَدِ الْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهِ بِدَفْعِ الْأَلْفِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْعِتْقِ.

وَالسَّادِسُ: أَنَّهُ لَا تَرَاجُعَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ بِصِفَةٍ لَمْ يَتَضَمَّنْهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ.

فَصْلٌ

فَأَمَّا صِفَةُ الْمُعَاوَضَةِ فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا صَحَّ فِيهِ الْعَقْدُ فَغَلَبَ فِيهِ حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ.

وَالثَّانِي: مَا فَسَدَ فِيهِ الْعَقْدُ فَغَلَبَ فِيهِ حُكْمُ الصِّفَةِ.

فَأَمَّا الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا الْعَقْدُ فَهِيَ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ قَدْ صَحَّتْ صِفَةً، وَمُعَاوَضَةً، فَيَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ. وَلِأَنَّهُ لَوْ نَوَى فِي الصِّفَةِ أَنَّهُ مَتَى دَفَعَ الْمَالَ عَتَقَ صَحَّ، وَلَوْ تَغَلَّبَتِ الصِّفَةُ لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ النِّيَّةُ كَمَا لَوْ نَوَى أَنَّهُ مَتَى دَفَعَ إِلَيْهِ عَبْدُهُ أَلْفًا عَتَقَ لَمْ يَعْتِقْ وَيَتَعَلَّقُ بِهَا سِتَّةُ أَحْكَامٍ تُخَالِفُ مَا قَدَّمْنَاهُ:

أَحَدُهَا: لُزُومُ عَقْدِ الْكِتَابَةِ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ لَا يَجُوزُ لَهُ فَسْخُهَا مَا كَانَ الْعَبْدُ مُقِيمًا عَلَى الْأَدَاءِ، وَلَيْسَتْ لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ، لِأَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنَ الْأَدَاءِ الَّذِي يَعْتِقُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، وَلَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ، وَإِنْ مَلَكَ الِامْتِنَاعَ، لِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَنْظَرَهُ بِالْمَالِ عِنْدَ عَجْزِهِ كَانَتِ الْكِتَابَةُ بِحَالِهَا فَلَوِ اجتمعا على فسخها صح النسخ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهَا.

وَالثَّانِي: صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا، لِأَنَّ الْمَالَ فِيهَا كَالثَّمَنِ الَّذِي يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ وَيَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ كَمَا يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ لِسُقُوطِ الْعِوَضِ فِي الْحَالَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>