[كتاب عتق أمهات الأولاد من كتب]
[مسألة]
قال الشافعي رضي الله عنه: (وإذا وَطِئَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ مَا يَبِينُ أَنَّهُ مِنْ خَلْقِ الْآدَمِيِّينَ عَيْنٍ أَوْ ظُفْرٍ أَوْ أُصْبَعٍ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَا تُخَالِفُ الْمَمْلُوكَةَ فِي أَحْكَامِهَا غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ مِلْكِهِ في دين ولا غيره فإن مَاتَ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهِ مِنْ خَلْقٍ آدَمِيٍّ سَأَلْنَا عُدُولًا مِنَ النِّسَاءِ فَإِنْ زَعَمْنَ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ خَلْقٍ آدَمِيٍّ كَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ فَإِنْ شَكَكْنَ لَمْ تَكُنْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، إِذَا أَوْلَدَ الْحَرُّ أَمَتَهُ فِي مِلْكِهِ، وَصَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ انْتَشَرَتْ حُرْمَتُهُ إِلَيْهَا فِي شَيْئَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تَحْرِيمُ بَيْعِهَا عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ، ثُمَّ هِيَ فِيمَا سِوَاهَا كَالْأَمَةِ.
فَأَمَّا الْعِتْقُ بِالْمَوْتِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا تَحْرِيمُ الْبَيْعِ، فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالْفُقَهَاءِ أَنَّ بَيْعَهَا حَرَامٌ، وَأَنَّ مِلْكَهَا لَا يَنْتَقِلُ عَنِ السَّيِّدِ إِلَى غَيْرِهِ.
وَاسْتَدَلَّ مَنْ جَوَّزَ بَيْعَهَا بِمَا قَالَهُ فِي الصَّحَابَةِ جَابِرٌ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ، وَالشِّيعَةُ، فَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ الْقَوْلَانِ، حَكَى الْحِجَازِيُّونَ عَنْهُ تَحْرِيمَ بَيْعِهَا، وَرَوَى الْعِرَاقِيُّونَ عَنْهُ جَوَازَهُ، فَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: (اقْضُوا فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَ أَصْحَابِي) يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.
وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلَمَانِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَّ بَيْعَهُنَّ جَائِزٌ، وَرُوِيَ عَنْ عَبِيدَةَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَأْيَكَ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ، فَسَكَتَ.
وَاسْتَدَلَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى جَوَازِ بَيْعِهِنَّ بِرِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا نبيع أمهات
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute