للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُجُومِهِ أَقَلُّهَا قَدْرًا، وَفِي أَثْقَلِ نُجُومِهِ أَكْثَرُهَا قَدْرًا، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ مَا خَفَّ أَوْ مَا ثَقُلَ، أَوْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ مَا قَلَّ أَوْ مَا كَثُرَ رَجَعَ فِيهِ إِلَى الْوَارِثِ، لِيَضَعَ عَنْهُ مَا شَاءَ مِمَّا خَفَّ عَلَيْهِ أَوْ ثَقُلَ وَمَا شَاءَ فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ قَلِيلًا إِذَا أُضِيفَ إِلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَكَثِيرًا إِذَا أُضِيفَ إِلَى مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ، وَإِذَا قَالَ لِمُكَاتَبِهِ إِذَا عَجَزْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَعَجَزَ فِي حَيَاتِهِ عَتَقَ، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَعْتِقْ، لِأَنَّ إِطْلَاقَ الصِّفَةِ تُوجِبُ حَمْلَهَا عَلَى بَقَاءِ الْمِلْكِ، كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إِذَا دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَدَخَلَهَا فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ عَتَقَ، وَلَوْ دَخَلَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَعْتِقْ، وَلَوْ قَالَ لِمُكَاتَبِهِ: إِذَا عَجَزْتَ بَعْدَ مَوْتِي، فَأَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ بِعَجْزِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، لِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: مَوْتُ السَّيِّدِ، وَالثَّانِيَةُ: عَجْزُ الْمُكَاتَبِ، وَلَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ صِفَةً فِي وُقُوعِ الْعِتْقِ كَالتَّدْبِيرِ.

قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيَصِحُّ مِثْلُهُ فِي قَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ إِذَا دَخَلْتَ الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ، أَنْ يَعْتِقَ بِدُخُولِهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَفِيهِ عِنْدِي نَظَرٌ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُكَاتَبِ فَرْقٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَوْرُوثٌ وَالْمُكَاتَبَ غَيْرُ مَوْرُوثٍ، فَجَازَ أَنْ يُعْتَقَ الْمُكَاتَبُ بِالْعَجْزِ لِبَقَائِهِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ السَّيِّدِ، وَلَمْ يُعْتَقِ الْعَبْدُ بِدُخُولِ الدَّارِ، لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِ السَّيِّدِ وَإِذَا صَحَّ مَا قُلْنَاهُ فِي عِتْقِ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ الْمَوْتِ نُظِرَ فِي ادِّعَائِهِ الْعَجْزَ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ حُلُولِ النَّجْمِ لَمْ يُعْتَقْ لِأَنَّ الْعَجْزَ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَدْ يَجُوزُ وَإِنْ عَجَزَ قَبْلَهُ أَنْ يَسْتَفِيدَ عِنْدَ مَحَلِّهِ وَإِنِ ادَّعَى الْعَجْزَ عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ اعْتَبَرَ مَا بِيَدِهِ فَإِنَّ مَعَهُ مَالَ النَّجْمِ لَمْ يُعْتَقْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاجِزٍ، وَإِنْ كَانَ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِالْعَجْزِ لَا بِالتَّعْجِيزِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ مَالٌ، فَالظَّاهِرُ عَجْزُهُ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي الْعَجْزِ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ أَكْذَبَهُ الْوَارِثُ، وَيَصِيرُ حُرًّا، فَلَوْ قَدَرَ الْمُكَاتَبُ عَلَى نَجْمٍ، وَعَجَزَ عَنْ آخَرَ كَانَ ذَلِكَ عَجْزًا لَا يُعْتَقُ بِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَجْزِهِ عَنْ جَمِيعِ النَّجْمِ أَوْ عَنْ أَقَلِّهِ فِي وُقُوعِ الْعِتْقِ بِهِ، وَتَكُونُ قِيمَتُهُ مُحْتَسَبَةً عَلَى السَّيِّدِ مِنْ ثُلُثِهِ، وَمَا أَخَذَهُ الْوَارِثُ مِنَ النُّجُومِ كَسْبٌ لَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>