فَمَوْتُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَإِلْقَاءُ جَنِينِهَا هُوَ بِصَدْمَتِهَا وَصَدْمَةِ صَاحِبَتِهَا، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبَتِهَا وَنِصْفُهَا الْبَاقِي هَدَرٌ، لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَتِهَا عَلَى نَفْسِهَا، فَأَمَّا جَنينَاهُمَا فَجَنِينُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَضْمُونٌ عَلَى أُمِّهِ وَعَلَى صَاحِبَتِهَا، فَيَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ غرة في جَنِينِهَا وَنِصْفُ غُرَّةٍ فِي جَنِينِ صَاحِبَتِهَا، فَتَصِيرُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُلْتَزِمَةً لِغُرَّةٍ كَامِلَةٍ، وَلَا يَنْهَدِرُ شَيْءٌ مِنْ غُرَّةِ الْجَنِينِ وَإِنِ انْهَدَرَ النصف من دية الأمين، يجب عليها ثماني كفارات، لأنهما قد اشتركا فِي قَتْلِ أَرْبَعَةٍ فَلَزِمَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ منهم كفارتان لاشتراك اثنين فيه.
(فَصْلٌ)
وَإِذَا طَفَرَتِ الْحَامِلُ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَإِنْ لَمْ تَخْرُجِ الطَّفْرَةُ عَنْ عَادَةِ مِثْلِهَا مِنَ الْحَوَامِلِ وَلَا كَانَ مَثَلُهَا مُسْقِطًا لِلْأَجِنَّةِ لَمْ تَضْمَنْهُ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ عَادَةِ مِثْلِهَا وَكَانَتِ الْأَجِنَّةُ تَسْقُطُ بِمِثْلِ طَفْرَتِهَا ضَمِنَتْهُ بِالْغُرَّةِ وَالْكَفَّارَةِ، وَلَمْ تَرِثْ مِنَ الْغُرَّةِ، لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ، وَهَكَذَا لَوْ شَرِبَتِ الْحَامِلُ دَوَاءً فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا مَيِّتًا رُوعِيَ حَالُ الدَّوَاءِ فَإِنْ زَعَمَ عُلَمَاءُ الطِّبِّ أَنَّ مِثْلَهُ قَدْ يُسْقِطُ الْأَجِنَّةَ ضَمِنَتْ جَنِينَهَا، وَإِنْ قَالُوا: مِثْلُهُ لَا يُسْقِطُ الْأَجِنَّةَ لَمْ تَضْمَنْهُ، وَإِنْ أَشْكَلَ وَجَوَّزُوهُ ضَمِنَتْهُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ سُقُوطِهِ أَنَّهُ مِنْ حُدُوثِ شُرْبِهِ، وَلَوِ امْتَنَعَتِ الْحَامِلُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ حَتَّى أَلْقَتْ جَنِينَهَا وَكَانَتِ الْأَجِنَّةُ تَسْقُطُ مِنْ جُوعِ الْأُمِّ وَعَطَشِهَا نُظِرَ، فَإِنْ دَعَتَهَا الضَّرُورَةُ إِلَى الْجُوعِ وَالْعَطَشِ لِلْإِعْوَازِ وَالْعَدَمِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَدْعُهَا ضَرُورَةٌ إِلَيْهِ ضَمِنَتْهُ، وَلَوْ جَاعَتْ وَعَطِشَتْ فِي صَوْمِ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ ضَمِنَتْ، لِأَنَّهَا مَعَ الْخَوْفِ عَلَى حَمْلِهَا مَأْمُورَةٌ بِالْإِفْطَارِ مَنْهِيَّةٌ مِنَ الصِّيَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute