(كتاب مختصر ما يحرم من الرضاعة
من كتاب الرضاع ومن كتاب النكاح ومن أحكام القرآن)
[(مسألة)]
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ حَرُمَ مَعَ الْقَرَابَةِ {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخوانكم من الرضاعة} وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ " "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الرَّضَاعُ فَاسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ اللَّبَنِ، وَقَدْ كَانَتْ حُرْمَتُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُنْتَشِرَةً بَيْنَهُمْ وَمَرْعِيَّةً عِنْدَهُمْ، حَكَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ هَوَازِنَ لِمَا سُبِيَتْ وَغُنِمَتْ أَمْوَالُهُمْ لِحُنَيْنٍ قَدِمَتْ وُفُودُهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُسْلِمِينَ فَقَامَ فِيهِمْ زُهَيْرُ بْنُ صُرَدٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّمَا فِي الْحَظَائِرِ عَمَّاتُكَ وَخَالَاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ وَاللَّائِي كُنَّ يُرْضِعْنَكَ وَيَكْفُلْنَكَ وَلَوْ أنا ملحنا أَيْ أَرْضَعْنَا الْحَارِثَ بْنَ أَبِي شِمْرٍ، أَوِ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ ثُمَّ نَزَلْنَا بِمِثْلِ مَنْزِلِنَا مِنْكَ رَجَوْنَا عَطْفَهُمَا وَفَائِدَتَهُمَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْكَافِلِينَ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
(امْنُنْ عَلَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كَرَمٍ ... فَإِنَّكَ الْمَرْءُ نَرْجُوهُ وَنَنْتَظِرُ)
(امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... إِذْ فُوكَ تَمْلَؤُهُ مِنْ مَحْضِهَا الدُّرَرُ)
(إِنْ لَمْ تدراكها نَعْمَاءُ نَسْتُرُهَا ... يَا أَرْجَحَ النَّاسِ حِلْمًا حِينَ يُخْتَبَرُ)
(إِنَّا لَنَشْكُرُ لِلنُّعْمَى وَإِنْ كُفِرَتْ ... وَعِنْدَنَا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ مُدَّخَرُ)
فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبْنَاؤُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ أَمْ أَمْوَالُكُمْ فَقَالُوا: أَخَيَّرْتَنَا بَيْنَ أَمْوَالِنَا وَأَحْسَابِنَا بَلْ تَرُدُّ عَلَيْنَا أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا فَقَالَ: أَمَّا كَانَ لِي وَلِبَنِي هَاشِمٍ فَهُوَ لَكُمْ فَرَعَى لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حُرْمَةَ رِضَاعِهِ فِيهِمْ، وَجَرَى عَلَى مَعْهُودِ الْعَرَبِ مَعَهُمْ مِنْ إِثْبَاتٍ لِحُرْمَةِ النَّسَبِ، وَلَا حُكْمَ لِتَحْرِيمٍ وَلَا مُحَرَّمٍ ثُمَّ رَوَى أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُقَسِّمُ لَحْمًا بِالْجِعْرَانَةِ إِذَا أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ فَدَنَتْ إِلَيْهِ فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ فَقُلْتُ مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالُوا: أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute