للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ أَنْ تُقْبَلَ رِوَايَةُ الْمُحَدِّثِ فِيمَا يَعُودُ إِلَيْهِ نَفْعُهُ وَلَا يَجُوزُ فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يَجُرَّ بِهَا نَفْعًا، لِاشْتِرَاكِ النَّاسِ فِي السُّنَنِ والديانات وافتراقهم في الشهادات.

( [القول في إنكار الراوي ونسيانه للحديث] )

:

وَإِذَا أَسْنَدَ الرَّاوِي حَدِيثَهُ عَنْ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ أَوْ نَسِيَهُ لَمْ يَقْدَحْ فِي صِحَّةِ الرِّوَايَةِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُحَدِّثِ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنِ الْمُسْتَمِعِ إِنْ أَنْكَرَهُ، وَيَجُوزَ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ إِنْ نَسِيَهُ، قَدْ رَوَى رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ " ثُمَّ نَسِيَ سُهَيْلٌ الْحَدِيثَ فَأَخْبَرَهُ بِهِ رَبِيعَةُ فَصَارَ سُهَيْلٌ يَقُولُ أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ عَنِّي أَنَّنِي حَدَّثْتُهُ عَنْ أَبِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى باليمين مع الشاهد ".

( [عمل الراوي بخلاف روايته] )

:

وَإِذَا عَمِلَ الرَّاوِي بِغَيْرِ رِوَايَتِهِ لَمْ يَقْدَحْ فِي صِحَّةِ الرِّوَايَةِ قَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ: غَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا وَأَفْتَى بِغَسْلِهِ ثَلَاثًا فَعَمِلُوا عَلَى رِوَايَتِهِ دُونَ فُتْيَاهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَسِيَ الرِّوَايَةَ فَأَفْتَى بغيرها وروايته حجة وفتياه ليست بحجة.

( [القول في تفسير الراوي للحديث] )

فَأَمَّا تَفْسِيرُ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ فَإِنْ كَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ سَمِعُوا لَفْظَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَشَاهَدُوا مَخْرَجَ كَلَامِهِ كَانَ الْحَدِيثُ مَحْمُولًا عَلَى تَفْسِيرِهِ كَمَا فَسَّرَ ابْنُ عُمَرَ مَا رَوَاهُ مِنِ افْتِرَاقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَنَّهُ التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ دُونَ الْكَلَامِ؛ فَحُمِلَ عَلَى تَفْسِيرِهِ. وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُحَدِّثُ مِنْ دُونِ الصَّحَابَةِ لَمْ يَكُنْ تَفْسِيرُهُ حُجَّةً؛ لِأَنَّهُ وَغَيْرَهُ فِيهِ سواء.

[(فصل: [القول في أحوال الإسناد] )]

وَأَمَّا الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أَحْوَالِ الْإِسْنَادِ فَصِحَّتُهُ مُعْتَبَرَةٌ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْإِسْنَادُ مُتَّصِلًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا أَوْ مُنْقَطِعًا لَمْ يَصِحَّ. وَالْمُرْسَلُ: أَنْ يَرْوِيَهُ التَّابِعِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ لَمْ يُشَاهِدْهُ وَلَا يَرْوِيهِ عَنْ صَحَابِيٍّ شَاهَدَهُ. وَالْمُنْقَطِعُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّاوِيَيْنِ رَجُلٌ لَمْ يُذْكَرْ.

فَأَمَّا الْمُنْقَطِعُ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ بِوِفَاقِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَأَمَّا الْمُرْسَلُ فَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حُجَّةٌ وَرُبَّمَا جَعَلَهُ أَقْوَى مِنَ الْمُسْنَدِ لِثِقَةِ التَّابِعِيِّ بِصِحَّتِهِ فِي إِرْسَالِهِ.

وَلَيْسَ الْمُرْسَلُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حُجَّةً وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ إِذَا انْفَرَدَ، حَتَّى يُسَمِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>