[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَالْبِسَاطُ كَالْأَرْضِ، فَإِنْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ طَاهِرٍ وَالْبَاقِي نَجِسٌ لَمْ تَسْقُطْ عَلَيْهِ ثِيَابُهُ أَجْزَأَهُ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا صَلَّى بساط على بَعْضُهُ طَاهِرٌ، وَبَعْضُهُ نَجِسٌ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمَكَانِ الطَّاهِرِ وَلَمْ يُمَاسِّ النَّجَاسَةَ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ، أَوْ ثِيَابِهِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُصَلٍّ عَلَى نَجَاسَةٍ، وَلَا بِحَامِلٍ لَهَا فَشَابَهَ مَنْ صَلَّى عَلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ مِنْ أَرْضٍ نَجِسَةٍ
وَقَالَ أبو حنيفة: وَإِنْ كَانَ الْبِسَاطُ مُتَحَرِّكًا بِحَرَكَتِهِ لَمْ يَجُزْ، وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ سُكُونِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ صِحَّتِهَا مَعَ حَرَكَتِهِ كَالْبِسَاطِ الطَّاهِرِ، وَلِأَنَّهَا حَرَكَةٌ لَا تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ الْمُتَّصِلُ بِمَحَلِّهَا طَاهِرًا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَّصِلُ بِمَحَلِّهَا نَجِسًا كَالسَّرِيرِ، وَالسَّفِينَةِ فَأَمَّا إِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ عَلَيْهِ أَحَدُ طَرَفَيْهِ، وَالطَّرَفُ الْآخَرُ عَلَيْهِ نَجَاسَتُهُ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبِسَاطِ وَالثَّوْبِ أَنَّهُ حامل للثوب فصار حاملاً لنجاسته؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّوْبَ يَتْبَعُهُ وَيَنْجَرُّ مَعَهُ، والبساط لا يتبعه ولا وَلَا يَنْجَرُّ مَعَهُ
(فَصْلٌ)
: لَا بُدَّ لِلْمُصَلِّي مِنْ طَهَارَةِ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ وَمَا يَقَعُ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَعْضَائِهِ وَثِيَابِهِ، فَإِنْ أَصَابَ فِي صَلَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ، أَوْ ثِيَابِهِ مَوْضِعًا نَجِسًا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: فَإِنْ كان الموضع الذي يحازي صَدْرَهُ نَجِسًا وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ بَدَنُهُ وَلَا ثَوْبُهُ إِذَا هَوَى فِي صَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ
وَقَالَ أبو حنيفة: فِي رِوَايَةِ محمد عَنْهُ: تَفْتَقِرُ الصَّلَاةُ إِلَى طَهَارَةِ مَوْضِعِ الْقَدَمَيْنِ وَالْجَبْهَةِ حَسْبُ وَلَا يَضُرُّ نَجَاسَةُ مَا يُلَاقِيهِ بَاقِي الْجَسَدِ
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أبي يوسف عَنْهُ: يَفْتَقِرُ إِلَى طَهَارَةِ مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ دُونَ جَبْهَتِهِ وَسَائِرِ بَدَنِهِ فَجَعَلَ عَنْهُ رِوَايَتَانِ
وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ: هُوَ أَنَّهُ مَوْضِعٌ مِنْ جَسَدِهِ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فَوَجَبَ إِذَا كَانَ عَلَى نَجَاسَةٍ أَنْ لَا تَصِحَّ صَلَاتُهُ كَالْقَدَمَيْنِ، وَلِأَنَّ كُلَّ طَهَارَةٍ وَجَبَ اعْتِبَارُهَا فِي الْقَدَمَيْنِ وَجَبَ اعْتِبَارُهَا فِي الْكَفَّيْنِ كَالنَّجَاسَةِ وَالْحَدَثِ، وَلِأَنَّهُ مَحَلٌّ نَجِسٌ يُلَاقِي بَدَنَ الْمُصَلِّي فَوَجَبَ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتَهُ كَالْقَدَمَيْنِ، وَإِذَا صَلَّى وَمَعَهُ عَلَاقَةُ كَلْبٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، فَإِنْ كَانَتِ الْعَلَاقَةُ تَحْتَ قَدَمِهِ أَجَزَأْتُهُ صَلَاتُهُ كالبساط، وإن كانت بيده، أو مشدودة بيده فَفِي صَلَاتِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: جَائِزَةٌ، لِأَنَّ لِلْكَلْبِ اختياراً يتصرف بِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُضَافًا إِلَى نَجَاسَةٍ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ لِاتِّصَالِ النَّجَاسَةِ بِهِ
فَأَمَّا إِذَا أَخَذَ فِي صَلَاتِهِ رِبَاطَ مَيْتَةٍ، فَإِنْ تَرَكَهُ تَحْتَ قَدَمِهِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَإِنْ أخذ بيده،