[(فصل)]
وما النَّاسِيَةُ فَعَلَى ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ نَاسِيَةً لِقَدْرِ حَيْضَتِهَا ذَاكِرَةً لِوَقْتِهِ وَهُوَ أَنْ تَقُولَ أَعْلَمُ أَنَّ لِي فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً، إِمَّا نَاسِيَةٌ لِقَدْرِهَا فَفِي مَا تَرُدُّ إِلَيْهِ مِنْ قَدْرِ الْحَيْضِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَوْمًا وَلَيْلَةٌ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: سِتَّةُ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةُ أَيَّامٍ، فَإِنْ طُلِّقَتْ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَامِلَةٍ، وَكَانَ طَلَاقُهَا فِي أَوَّلِهِ طلاق بدعة، وإن طلقت في تضاعيفه اعتدت بثلاثة أشهر كوامل، وَكَانَ طَلَاقُهَا فِي أَوَّلِهِ طَلَاقَ بِدَعَةٍ، فَإِنْ طُلِّقَتْ فِي تَضَاعِيفِهِ اعْتَدَّتْ بِبَاقِيهِ قُرْءًا وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّهَا قَدْ تَيَقَّنَتْ وُجُودَ حَيْضِهَا فِي أَوَّلِهِ فَصَارَ بَاقِيهِ طُهْرًا يَقِينًا فَلِذَلِكَ اعْتَدَّتْ بِهِ قُرْءًا، فَإِذَا مَضَى بَعْدَهُ شَهْرَانِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ الثَّالِثِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ نَاسِيَةً لِوَقْتِ حَيْضِهَا ذَاكِرَةً لِقَدْرِهِ، وَهِيَ أَنْ تَقُولَ: أَعْلَمُ أَنَّ حِيضَتِي فِي كُلِّ شهر عشر أَيَّامٍ، وَنَسِيتُ وَقْتَهَا مِنَ الشَّهْرِ هَلْ كَانَتْ فِي أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ؟ فَهَذِهِ ينظر في الباقي في شَهْرِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ احْتُسِبَ بِبَقِيَّةِ الشَّهْرِ قُرْءًا لِوُجُودِ الطُّهْرِ فِي بَقِيَّتِهِ، فَإِذَا مَضَى عَلَيْهَا بَعْدَ بَقِيَّةِ شَهْرِهَا وَرَأَتِ الْهِلَالَ الثَّالِثَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ شَهْرِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَ لَمْ تَعْتَدَّ بِبَقِيَّةِ الشَّهْرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَاسْتَقْبَلَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ شَهْرِهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَامِلَةً، فَإِذَا أَهَلَّ الْهِلَالُ الرَّابِعُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا.
وَلَوْ قَالَتْ: أَعْلَمُ أَنِّي أَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرَيْنِ حَيْضَةً انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ قَالَتْ: أَحِيضُ فِي كل أربعة أَشْهُرٍ حَيْضَةً انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ قَالَتْ: أَحِيضُ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ حَيْضَةً انقضت عدتها ستة تَجْمَعُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ، ثُمَّ عَلَى قياس ما قدمناه ما اعْتِدَادِهَا بِبَقِيَّةِ شَهْرِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ لَمْ تَعْتَدَّ بِبَقِيَّتِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ نَاسِيَةً لِقَدْرِ حَيْضَتِهَا وَوَقْتِهِ فَلَا تَعْلَمُ هَلْ كَانَ حَيْضُهَا يَوْمًا أَوْ عَشْرًا وَهَلْ كَانَ فِي كُلِّ شَهْرٍ، أَوْ شُهُورٍ، أَوْ فِي كُلِّ سَنَةٍ، أَوْ سَنَتَيْنِ؟ فَهَذِهِ هِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ وَحُكْمُهَا فِي الْعِبَادَاتِ قَدْ مَضَى.
فَأَمَّا حُكْمُهَا فِي الْعِدَّةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا كَالْمُبْتَدَأَةِ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَعَلَى هَذَا تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَإِنْ طُلِّقَتْ فِي شَهْرٍ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اعْتَدَّتْ بِبَقِيَّتِهِ قُرْءًا ثُمَّ شَهْرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَمَا دُونَ لَمْ يُعْتَدَّ بِبَقِيَّتِهِ يَجُوزُ ان