للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنَ الِاعْتِبَارِ: أَنَّهُ قَطْعُ تَعَبُّدٍ مِنْ جَسَدِهِ مَا لَا يُسْتَخْلَفُ بَعْدَ قَطْعِهِ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ.

وَقَوْلُنَا تَعَبُّدًا احترازاً عن قطع الأكل من الجسد، فَإِنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ.

وَقَوْلُنَا: مَا لَا يُسْتَخْلَفُ احْتِرَازًا مِنَ الشَّعْرِ وَالْأَظْفَارِ؛ وَلِأَنَّ فِي الْخِتَانِ قَطْعَ عُضْوٍ وَإِدْخَالَ أَلَمٍ عَلَى النَّفْسِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ إما المصلحة، أَوْ عُقُوبَةٌ، أَوْ وَاجِبٌ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْخِتَانِ مَصْلَحَةٌ وَلَا عُقُوبَةٌ دَلَّ عَلَى أنه واجب.

وأما الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: الْخِتَانُ سُنَّةٌ مَعَ ضَعْفِ طَرِيقِهِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الطريقة المتبعة قد يَكُونُ ذَلِكَ وَاجِبًا وَمُسْتَحَبًّا، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي) .

وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَشَارَ بِالسُّنَّةِ إِلَى مَا قَبْلَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ يَكُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: " عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ) ، فَهُوَ أن الفطرة الدين، قال الله تعالى: {فطرة اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] يَعْنِي دينهم الَّذِي فَطَرَهُمْ عَلَيْهِ.

وَمَا قَرَنَ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْوَاجِبَاتِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي حكمها؛ لأنه قد يقترن الواجب بغير واجب كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] .

وَأَمَّا الجواب عن قياسهم عن الْحَلْقِ وَالتَّقْلِيمِ فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَهُمْ: يُقْصَدُ بِهِ التَّنْظِيفَ غَيْرَ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ تَأْدِيَةُ الْفَرْضِ دُونَ التَّنْظِيفِ؛ لِأَنَّ مقصود التَّنْظِيفِ بِالْمَاءِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ غَسْلُ الْبَوْلِ مَعَ بَقَائِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّنْظِيفَ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْثَمْ بِتَرْكِ الشَّعْرِ وَأَثِمَ بِتَرْكِ الْخِتَانِ دَلَّ عَلَى افْتِرَاقِهِمَا فِي حُكْمِ الْوُجُوبِ، وَفِي هذا جواب اسْتِدْلَالِهِمْ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الْخِتَانِ فِي الرجال والنساء فهو من الرِّجَالِ يُسَمَّى إعْذَارًا

<<  <  ج: ص:  >  >>