جَدْيًا قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ، قَالَ: فَهُوَ كَمَا حَكَمْتَ، فَأَمْضَى عُمَرُ الْحُكْمَ بِاجْتِهَادِهِ وَاجْتِهَادِ أَرْبَدَ، وَقَدْ كَانَ قَاتِلًا، وَلَيْسَ يُعْرَفُ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ؛ فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَلِأَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا إِلَى اجْتِهَادِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، كَالزَّكْوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَخَالَفَتْ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ.
فَصْلٌ
: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا، فَمَا حَكَمَتْ فِيهِ الصحابة، إن حَكَمُوا فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ حَكَمَ بِذَلِكَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَفِي الضَّبُعِ بكبشٍِ حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثُمَّ حَكَمَ بِهِ بَعْدَهُ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وجابرٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الضَّبُعُ مِنَ الصيدِ "، وَجَعَلَ فِيهِ إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ كَبْشًا، وَفِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ بَقَرَةً، حَكَمَ بِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمِنَ التَّابِعِينَ عطاءٌ، وَفِي الْإِبِلِ بَقَرَةٌ، حَكَمَ بِهَا ابْنُ عَبَّاسِ، وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ، حَكَمَ بِهَا عطاءٌ، وَفِي الْأَرْوَى بَقَرَةٌ، حَكَمَ بِهَا عطاءٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَرْوَى: دُونَ الْبَقَرَةِ الْمُسِنَّةِ وَفَوْقَ الْكَبْشِ، فَفِيهِ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ، وَفِي الثَّيْتَلِ بَقَرَةٌ، ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وفي الظبي تيس حكم به على الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ، حَكَمَ بِهَا عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَفِي الضَّبِّ جديٌ، حَكَمَ بِهِ عُمَرُ وَأَرْبَدُ وعطاءٌ، وَفِي الثَّعْلَبِ شَاةٌ، حَكَمَ بِهِ عطاءٌ، وَقَالَ شريحٍ: لَوْ كَانَ مَعِي حَاكِمٌ لَحَكَمْتُ فِي الثَّعْلَبِ بجديٍ، فَإِطْلَاقُ عطاءٍ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ شريحٍ، وَفِي الْوَبَرِ شَاةٌ، حَكَمَ بِهِ عطاءٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَأْكُلُ الْوَبَرَ فَفِيهِ جفرةٌ، وَلَيْسَ بِأَكْثَرَ من جفرةٍ بدنا، وفي أم جبين بِحُمْلَانٍ مِنَ الْغَنَمِ، حَكَمَ بِهِ عُثْمَانُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي: حَمَلًا فَإِنْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَأْكُلُهَا فَفِيهَا وَلَدُ شاةٍ. حملٌ أَوْ مِثْلُهُ مِنَ الْمَعْزِ مِمَّا لَا يَفُوتُهُ، فَهَذَا مَا حَكَمَ فِيهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكُلٌّ دابةٍ مِنَ الْصَيْدِ الْمَأْكُولِ سَّمَيْنَاهَا فَفِدَاؤُهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَكُلُّ دَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّ الصَّيْدِ الْمَأْكُولِ لَمْ نُسَمِّهَا فَقِيلَ: إِنَّهَا قياساً عَلَى مَا سَمَّيْنَا مِنْهَا، فَإِنِ اخْتَلَفَ اجْتِهَادِ عَدْلَيْنِ مِنَ الْفُقَهَاءِ لَمْ يُؤْخَذْ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَنْضَمَّ إِلَيْهِ قَوْلُ غَيْرِهِ فَيَصِيرَا اثنين، فيؤخذ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute