للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَطْبُوخًا؛ فَإِنْ دَفَعَهُ إِلَيْهِمْ مَطْبُوخًا صَارَ مُتَعَدِّيًا فِي حَقِّهِمْ، فَضَمِنَ لَهُمْ بَيْنَ قِيمَتِهِ نِيئًا وَمَطْبُوخًا إِنْ كَانَ الطَّبْخُ قَدْ نَقَصَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ مُسْتَحِقُّهُ مِنَ الْمَسَاكِينِ جَازَ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَصَاعِدًا، وَيَجُوزُ أَنْ يُسَاوِيَ بَيْنَهُمْ وَيُفَاضِلَ؛ فَإِنْ نَذَرَ نَحْرَهُ لِأَغْنِيَاءَ خَاصَّةً مُعَيَّنِينَ، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنِينَ، نُظِرَ فَإِنِ اقْتَرَنَ بِهِ نَوْعٌ مِنَ الْقُرْبِ لِيَتَأَسَّى بِهِ الْأَغْنِيَاءُ فِي التَّوَسُّعِ؛ لَزِمَ نَذْرُهُ، وَإِنْ تَجَرَّدَ عَنِ الْقُرْبَةِ وَقُصِدَ بِهِ الْمُبَاهَاةُ، وَالتَّطَوُّلُ، لَمْ يَلْزَمْ نَذْرُهُ فَلَوْ أَطْلَقَ مَنْ نَذَرَ نَحْرَهُ لَهُمُ انْصَرَفَ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ؛ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِالْقُرَبِ، وحاز أَنْ يُصْرَفَ فِي سِتَّةِ أَصْنَافٍ فِي مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ مِنَ الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَسَقَطَ مِنْهُمْ صِنْفَانِ، الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا، وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يُطْلِقَ نَذْرَ نَحْرِهِ فَلَا يَجْعَلُهُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ فَيُحْمَلُ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْعُرْفِ الْمَقْصُودِ بِالنَّذْرِ وَعُرْفُ النَّذْرِ مُتَوَجِّهٌ إِلَى غَيْرِهِ، فَصَارَ نَذْرُ نَحْرِهِ لِغَيْرِهِ، فَيَنْعَقِدُ النَّذْرُ لَازِمًا.

[(فصل:)]

فإذا تقرر بما فصلناه وُجُوب نَحْرِهِ، وَتَفْرِقَة لَحْمِهِ انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى محل النحر، وتفرقه اللحم، وهي عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُعَيِّنَ نَحْرَهُ فِي الْحَرَمِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُعَيِّنَ نَحْرَهُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُطْلِقَ مَحَلَّ نَحْرِهِ، وَلَا يُعَيِّنَ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَمٍ.

فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ؛ إِذَا عَيَّنَ نَحْرَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَنْذِرَ نَحْرَهُ فِي الْحَرَمِ، وَتَفْرِقَةَ لَحْمِهِ فِي الْحَرَمِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فِي الْحَرَمِ النَّحْرِ وَتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ فَإِنْ نَحَرَهُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ، أَوْ فَرَّقَ لَحْمَهُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ لَمْ يَجُزْ، وَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ بِالنَّذْرِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَنْذِرَ نَحْرَهُ فِي الْحَرَمِ، وَتَفْرِيقَ لَحْمِهِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فَقَدْ صَارَ مُعَيَّنًا لِمَسَاكِينِ غَيْرِ الْحَرَمِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَهُ فِي مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَفِي وُجُوبِ نَحْرِهِ فِي الْحَرَمِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

أَحَدُهُمَا: يَجِبُ نَحْرُهُ فِيهِ؛ لِانْعِقَادِ نَذْرِهِ بِهِ مَعَ اخْتِصَاصِ الْحَرَمِ بِقُرْبَةِ النَّحْرِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ نَحْرُهُ فِيهِ؛ اعْتِبَارًا بِمُسْتَحِقِّي لَحْمِهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ نَحْرُهُ فِي الْحَرَمِ إِنْ وَصَلَ إِلَيْهِمْ طَرِيًّا، وَلَا يُسْتَحَبُّ إِنْ لَمْ يَصِلْ طَرِيًّا.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أن ينذره نَحْرَهُ فِي الْحَرَمِ وَيُطْلِقَ تَفْرِيقَ لَحْمِهِ، وَلَا يَجْعَلُهُ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَلَا لِغَيْرِهِمْ، فَيَلْزَمُهُ نَحْرُهُ فِي الْحَرَمِ عَلَى مُوجِبِ نَذْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>