الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجَ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي حَجِّهِ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الِاخْتِلَافِ، أَيْسَرَ مِنْ هَذَا يَعْنِي: إِنْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا، وَلَيْسَ فِيهِ تَغْيِيرُ حُكْمٍ، وَلَا إِسْقَاطُ فَرْضٍ لِأَنَّ الْإِفْرَادَ وَالتَّمَتُّعَ وَالْقِرَانَ مُبَاحٌ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْغَلَطُ فِيهِ قَبِيحًا يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الرِّوَايَةَ لِأَنَّهَا حُجَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي نَقْلِهَا دَلَّ عَلَى تَقْصِيرِهِمْ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ الْإِنْكَارَ عَلَى مَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِالْأَخْبَارِ، وَتَرْتِيبَ مَا اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ، وَأَنَّهَا غَيْرُ مُتَضَادَّةٍ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَاهُ ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ قَالَ أَفْرَدَ الْحَجَّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ فِيمَا يَعْرِفُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ أَدْرَكَ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ أَحَدًا لَا يَكُونُ مُقِيمًا عَلَى حَجٍّ إِلَّا وَقَدِ ابْتَدَأَ إِحْرَامَهُ بِحَجٍّ، وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ لِقَوْلِهِ: إِنَّ التَّمَتُعَ أَفْضَلُ وَأَخَذَ يَتَأَوَّلُ رِوَايَةَ مَنْ نَقَلَ الْإِفْرَادَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ حَكَى مَا شَاهَدَ مِنْ حَجِّهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عُمْرَتِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ لِفَضْلِ الْإِفْرَادِ، وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الْمُطْلَقَةِ وَحَمْلِهَا عَلَى رِوَايَةِ جَابِرٍ لِتَفْسِيرِهِ وَإِخْبَارِهِ عَنْ إِفْرَادِهِ وَالسَّبَبِ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute