للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَكِنْ عَلَى اسْتِطَابَةِ أَنْفُسِهِمْ وَلِيَقْتَدُوا بِسُنَّتِهِ فِيهِمْ وَاخْتُلِفَ فِيمَا أُمِرَ بِمُشَاوَرَتِهِمْ فِيهِ فقال قوم: في الحرب ومكائد الْعَدُوِّ خَاصَّةً.

وَقَالَ آخَرُونَ: فِي أُمُورِ الدُّنْيَا دُونَ الدِّينِ.

وَقَالَ آخَرُونَ: فِي أُمُورِ الدِّينِ تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى عِلَلِ الْأَحْكَامِ وَطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَمَرَ نُعَيْمًا أَنْ يُؤَامِرَ أُمَّ ابْنَتِهِ، وَقَالَ: وأمروا الأمهات فِي بَنَاتِهِنَّ " وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى اسْتِطَابَةِ أَنْفُسِهِنَّ لا على وجوب استئمارهن، وكذلك استئمار الأب للبكر على استطابة النفس لَا عَلَى الْوُجُوبِ.

فَصْلٌ

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ اسْتِئْمَارَ الْأَبِ لِابْنَتِهِ الْبِكْرِ اسْتِحْبَابًا فَإِذْنُهَا يَكُونُ بِالصَّمْتِ دُونَ النُّطْقِ بِخِلَافِ الثَّيِّبِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وصمتها إِقْرَارُهَا ".

وَرَوَى ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذَا خُطِبَ إِلَيْهِ إِحْدَى بَنَاتِهِ دَنَا مِنَ الْخُدُورِ وَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا خَطَبَ فُلَانَةَ فَإِنْ هِيَ رَضِيَتْ سَكَتَتْ فَكَانَ سُكُوتُهَا رِضَاهَا، وَإِنْ هِيَ أَنْكَرَتْ طَعَنَتْ فِي الْخِدْرِ فَكَانَ ذلك منها إنكاراً فلا يزوجها، ولا البكر أكثر خفراً وَتَحَذُّرًا مِنَ الثَّيِّبِ فَهِيَ تَسْتَحِي مِمَّا لَا تَسْتَحِي مِنْهُ الثَّيِّبُ مِنَ التَّصْرِيحِ بِالرَّغْبَةِ فِي الْأَزْوَاجِ فَجُعِلَ سُكُوتُهَا إِذْنًا وَرِضًا وَلَمْ يُجْعَلْ إِذْنُ الثَّيِّبِ إِلَّا نُطْقًا، فَأَمَّا مَنْ عَدَا الْآبَاءَ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ مَعَ الْبِكْرِ فَعَلَيْهِمُ اسْتِئْمَارُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ إِجْبَارُهَا وَإِذْنُهَا مَعَهُمُ الصَّمْتُ كَإِذْنِهَا مَعَ الْأَبِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إذنها معهم بِالنُّطْقِ الصَّرِيحِ كَالثَّيِّبِ بِخِلَافِهَا مَعَ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مَعَهُمْ فِي وُجُوبِ الِاسْتِئْمَارِ كَالثَّيِّبِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ إِذْنُهَا نُطْقًا صَرِيحًا كَالثَّيِّبِ، وَهَذَا خَطَأٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عُمُومِ الْأَخْبَارِ، ولما ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَثْرَةِ الِاسْتِحْيَاءِ وَلَعَلَّ حَيَاءَهَا مَعَ غير الأب أكثر لقلة مخالطته فكان إذنها معهم بأن يكون صمتها أَوْلَى، وَهَكَذَا السُّلْطَانُ مَعَ الْبِكْرِ كَالْعَصَبَاتِ إِذَا فقدوا لا يزوجوها إِلَّا بَعْدَ بُلُوغِهَا بِإِذْنِهَا وَإِذْنُهَا مَعَهُ الصَّمْتُ وَسَوَاءً كَانَتِ الْبِكْرُ مِمَّنْ قَدْ تَزَوَّجَتْ مَرَّةً وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ قَطُّ إذا كانت البكارة باقية في أن حكمها ما ذكرنا مع الأب والعصبات. الْقَوْلُ فِي الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ

مَسْأَلَةٌ (قَالَ المزني) رحمه الله وروى الشافعي عَنِ الْحَسَنُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عدلٍ " ورواه غير الشافعي في عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، الشَّهَادَةُ فِي النِّكَاحِ واجبة وقال داود غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طالب وعبد الله بن الزبير، وعمر، وعبد الله بن عباس.

وَمِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، والنخعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>