وَهَذَا خَطَأٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ "، فَاقْتَضَى نَفْيَ الشُّفْعَةِ عَمَّا قُسِمَ وَلِأَنَّ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ بِانْفِرَادِهِ لَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ بِانْضِمَامِهِ مَعَ غَيْرِهِ عِنْدَ انْفِصَالِهِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْعَوَامِلِ مِنَ الْبَقَرِ وَالْعَبِيدِ وَلِأَنَّ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ مَعَ فَقْدِ الْعَمَلِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ الشُّفْعَةُ مَعَ وُجُودِ الْعَمَلِ قِيَاسًا عَلَى الْمُفْرَدِ بِالْعَقْدِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِ عَلَى النَّخْلِ وَالْبِنَاءِ فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ النَّخْلُ وَالْبِنَاءُ تَبَعًا فِي الْبَيْعِ وَجَبَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ تَبَعًا وَلَمَّا لَمْ تَدْخُلِ الْبَقَرَةُ وَالْعَبْدُ فِي الْبَيْعِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ الشُّفْعَةُ.
فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الشُّفْعَةِ فِي الشِّقْصِ وَحْدَهُ دُونَ الْعَبْدِ الْمَضْمُومِ إِلَيْهِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الشِّقْصِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ إِذَا جَمَعَتْ شَيْئَيْنِ يُقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوِ استحق أحدهما أو رد بعيب.
واعتبار أخذه بالحصة أن يُقَوَّمَ الشِّقْصُ يَوْمَ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا قُوِّمَ الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَمِائَةٍ عُلِمَ أَنَّ الشِّقْصَ فِي مُقَابَلَةِ ثُلُثَيِ الْقِيمَةِ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِثُلُثَيِ الثَّمَنِ زَائِدًا كَانَ الثَّمَنُ أَوْ نَاقِصًا ثُمَّ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي رَدِّ الْعَبْدِ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَمَّ مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ إِلَى مَا فِيهِ الشُّفْعَةُ كَانَ هُوَ الْعَالِمَ بِتَفْرِيقِهَا وَالرِّضَى بِهِ وَمَنْ دَخَلَ عَلَى عِلْمٍ بِعَيْبٍ لَمْ يَمْلِكِ الرَّدَّ بِهِ.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا إِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ شِقْصَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَمْ يَخْلُ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ فِيهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ فَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقُّهَا اثْنَيْنِ لِكُلِّ شِقْصٍ مِنْهُمَا شَفِيعٌ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُخَيَّرًا فِي أَخْذِ مَا فِي شُفْعَتِهِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ تَرْكِهِ فَإِنْ أَخَذَا أَوْ تَرَكَا أَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ الْآخَرُ فَكُلُّهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَقُّ الشُّفْعَةِ فِيهَا وَاحِدًا فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنْ يَأْخُذَهُمَا أَوْ يَتْرُكَهُمَا وَلَيْسَ لَهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ بِأَخْذِ أَحَدِهِمَا لِاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ فِيهِمَا كَمَا لَيْسَ لَهُ تَفْرِيقُهَا بِأَخْذِ الْبَعْضِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّ الشُّفْعَتَيْنِ شَاءَ لِتَمَيُّزِهِ وَأَنَّ الشُّفْعَةَ مَوْضُوعَةٌ لِإِزَالَةِ ضَرَرِهِ وَرُبَّمَا كَانَ ضَرَرُهُ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ وَيَلْحَقُهُ بِأَخْذِ الْآخَرِ ضَرَرٌ:
مَسْأَلَةٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذِهِ مَسَائِلُ أَجَبْتُ فِيهَا عَلَى مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْعُهْدَةُ فَمُشْتَقَّةٌ مِنَ الْعَهْدِ لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْوَفَاءِ بِمُوجَبِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى