للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِرْجَاعُهُ مَنْ غُرْمٍ أَوْ مَالٍ اسْتَرْجَعْنَاهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا ضَرَّ غَيْرَهُ أَوْ نَفَعَهُ أَوْ نَفَعَ غَيْرَهُ وَضَرَّهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَلَا يَخْلُو أَنْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ لَهُ بِالرِّقِّ أَوْ يُنْكِرَهُ فَإِنْ أَنْكَرَهُ حَلَفَ لَهُ وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِ حُرِّيَّتِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالرِّقِّ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اعْتَرَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ قَدِ اعْتَرَفَ بِالْحُرِّيَّةِ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ بِالرِّقِّ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ بِالْحُرِّيَّةِ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ تَضَمَّنَهُ حَقٌّ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِبْطَالُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ أَبْطَلَ حَقَّ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدِ اعْتَرَفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْحُرِّيَّةِ قُبِلَ إِقْرَارُهُ بِالرِّقِّ سَوَاءٌ قِيلَ بِجَهَالَةِ أَصْلِهِ أَوْ بِظَاهِرِ حُرِّيَّتِهِ لِأَنَّ إِقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَقْوَى مِنْ حُكْمِ الظَّاهِرِ وَلِأَنَّ الْكُفْرَ بِاللَّهِ تَعَالَى أَغْلَظُ مِنَ الرِّقِّ ثُمَّ كَانَ قَوْلُهُ لَوْ بَلَغَ مَقْبُولًا فِي الْكُفْرِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَقْبُولًا فِي الرِّقِّ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ إِقْرَارَهُ بِالرِّقِّ مَقْبُولٌ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرِّقِّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَفِي إِجْرَائِهَا عَلَيْهِ فِي الْمَاضِي قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرِّقِّ فِي الْمَاضِي كَمَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي نَجْعَلُهُ فِيهِ مَجْهُولَ الْأَصْلِ وَوَجْهُهُ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرِّقَّ أَصْلٌ إِذَا ثَبَتَ تَعَلُّقٌ فِي فَرْعِهِ مِنْ أَحْكَامٍ فَإِذَا ثَبَتَ أَصْلُهُ فَأَوْلَى أَنْ تَثْبُتَ فُرُوعُهُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ إِقْرَارُهُ بِالرِّقِّ مُوجِبًا لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الرِّقِّ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالْبَيِّنَةِ اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا لِذَلِكَ فِي الْمَاضِي كَالْبَيِّنَةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ فِي الْمَاضِي أَضَرُّ الْأَمْرَيْنِ بِهِ مِنْ أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ أَوِ الرِّقِّ فَمَا نَفَعَهُ وَضَرَّ غَيْرَهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَمَا ضَرَّهُ وَنَفَعَ غَيْرَهُ قُبِلَ مِنْهُ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي نَجْعَلُهُ فِيهِ حُرًّا فِي الظَّاهِرِ وَوَجْهُهُ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ إِقْرَارَهُ فِيمَا ضر غيره متهوم فأمضى وإقراره فيما ينفعه متهوم فَرُدَّ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَمَا لَمْ يَمْلِكْ إِبْطَالَهُ مِنَ الْعُقُودِ بِغَيْرِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّ لُزُومَهَا يَمْنَعُ مِنْ تَمَلُّكِ فَسْخِهَا.

فَصْلٌ:

فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ تَفَرَّعَ عَلَيْهِمَا مَا مَضَى فَمِنْ ذَلِكَ هِبَاتُهُ وَعَطَايَاهُ فَإِنْ قيل بنفوذ إقراره فيهما بطلت واستحق السيد استرجاعها وإن قيل برد إقراره فيهما بطلت واستحق السيد استرجاعها أُمْضِيَتْ وَلَمْ يَسْتَرْجِعْ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِحْلَافُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُعْطَى إِنْ أَنْكَرَ.

فَصْلٌ:

وَمِنْ ذَلِكَ بَيُوعُهُ وَإِجَارَاتُهُ إِنْ قِيلَ بِنُفُوذِ إِقْرَارِهِ فِيهِمَا بَطَلَتْ وَلَزِمَ التَّرَاجُعُ فِيهِمَا وَإِنْ قِيلَ بِرَدِّ إِقْرَارِهِ فِيهِمَا أُمْضِيَتْ وَلَا يُرَاجَعُ فِيهِمَا وَمَا حَصَلَ بِيَدِهِ مِمَّا اشْتَرَاهُ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ بَائِعِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إِلَى أَخْذِ ثَمَنِهِ مِنْهُ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ لَمْ يَمْلِكْهُ.

فَصْلٌ:

وَمِنْ ذَلِكَ دُيُونُهُ الَّتِي لَزِمَتْهُ وَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا وَجَبَ بِاسْتِهْلَاكٍ وَجِنَايَةٍ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا لِأَنَّ ذَلِكَ أضر

<<  <  ج: ص:  >  >>