للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ؛ لِرِوَايَةِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا أَتَى الْجَمْرَةَ الَتِي عِنْدَ الشَجَرَةِ رَمَى سَبْعَ حَصَيَاتٍ مَنَ الْوَادِي يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَيُخْتَارُ أَنْ يَرْمِيَهَا رَاكِبًا لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَمَى وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ " وَيَكُونُ مَوْقِفُهُ إِذَا رَمَى فِي بَطْنِ الْوَادِي؛ لِرِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ثُمَّ قال: هذا والذي لا إله غير مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يُمْكِنُهُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا عَلَى أَكَمَةٍ فَلَا يُتَمَكَّنُ مِنْ رَمْيِهَا إِلَّا كَذَلِكَ، فَإِنْ رَمَى الْجَمْرَةَ مِنْ فَوْقِهَا وَلَمْ يَرْمِهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي أَجْزَأَهُ، لِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ انْتَهَى إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِيَرْمِيَهَا وَرَأَى زِحَامَ النَاسَ صَعِدَ فَرَمَاهَا مِنْ فَوْقِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَرْفَعُ يَدَهُ مَعَ الرَّمْيِ حَتَّى يُرَى مَا تحت إبطه.

[فصل]

: ويكون عَلَى تَلْبِيَةٍ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَإِذَا ابْتَدَأَ بِرَمْيِهَا قَطَعَ التَّلْبِيَةَ.

وَقَالَ مَالِكٌ: يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ دُخُولِ مِنًى قَبْلَ التَّوَجُّهِ إِلَى عَرَفَةَ، وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ عَطَاءٍ عَنْ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة وَكَانَ الْفَضْلُ أَعْرَفَ النَّاسِ بِحَالِهِ فِي هَذَا المكان، لأنه مكان رديف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْدَفَ فِي حَجَّتِهِ ثَلَاثَةَ نفرٍ، فَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، وَأَرْدَفَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَسْتَدِيمُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَإِذَا ابْتَدَأَهَا قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مَعَ أَوَّلِ حَصَاةٍ، وَكَبَّرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ؛ لِرِوَايَةِ الْأَحْوَصِ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقْبَةِ مَنْ بَطْنِ الْوَادِي وَهُوَ رَاكِبٌ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِ حَصَاةٍ وَرَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ يَسْتُرُهُ، فَسَأَلْتُ عَنِ الرَّجُلِ فَقَالُوا الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَإِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ فَارْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذَفِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَيَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَإِنْ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ وَكَبَّرَ قَبْلَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ، أَوِ اسْتَدَامَ التَّلْبِيَةَ وَلَمْ يُكَبِّرْ إِلَى أَنْ فَرَغَ مِنْ رَمْيِ الْجَمْرَةِ كَانَ مُخَالِفًا للسنة، ولا فدية عليه.

مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " وإن رمى قبل الفجر بعد نصف الليل أجزأ عَنْهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُعَجِّلَ الْإِفَاضَةَ وَتَوَافِيَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِمَكَّةَ وَكَانَ يَوْمَهَا فَأَحَبَّ أَنْ يوافيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ رَمَتْ إِلَّا قَبْلَ الْفَجْرِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الرَّمْيُ الْوَاجِبُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، فَهُوَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَحْدَهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْجَمَرَاتِ، وَوَقْتُ رَمْيِهَا فِي الِاخْتِيَارِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى زَوَالِهَا؛ لِرِوَايَةِ أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>