الشَّهْوَةِ، وَأَكْمَلُ لِلِاسْتِمْتَاعِ، وَهَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنَ الْخِضَابِ وَالزِّينَةِ، وَلَا عَلَى أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى دَوَاءٍ فِي مَرَضٍ أَوْ سِمْنَةٍ في صحة.
[مسألة]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وإن ارتدت إلى مجوسية أو إلى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنْ رَجَعَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوْ إِلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَإِنِ انْقَضَتْ قبل أن ترجع فقد انقطعت العصمة لأنه يصلح أن يبتدئ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي مُسْلِمٍ تَزَوَّجَ ذِمِّيَّةً فَانْتَقَلَتْ مِنْ دِينِهَا إِلَى غَيْرِهِ فَهَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَنْتَقِلَ عَنْهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَدْ زَادَتْهُ خَيْرًا، وَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ وَمَا زاده الإسلام إلا صحة وسواء كان قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أن تنتقل عن دينها إلى دين يقرها أهله عليه كأنها كنت نَصْرَانِيَّةً فَتَزَنْدَقَتْ أَوْ تَوَثَّنَتْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تقر عليه؛ لأنه لما لم تقر عليه من كان متقدم الدُّخُولِ فِيهِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُقِرَّ عَلَيْهِ من تأخر دخوله فيه، وإذا كان كذلك نُظِرَ فِي رِدَّتِهَا، فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ دُخُولِهِ بها بطل نكاحها كَمَا يَبْطُلُ نِكَاحُ الْمُسْلِمَةِ إِذَا ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهَا عَنْ دِينِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ النِّكَاحُ مَوْقُوفًا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ رَجَعَتْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا إِلَى الدِّينِ الذي تؤمن بِهِ، وَيَجُوزُ نِكَاحُ أَهْلِهِ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ حَتَّى انْقَضَتِ الْعِدَّةُ بَطَلَ النكاح، وفي الدين الذي تؤمن بالدخول إِلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: الْإِسْلَامُ لَا غَيْرَ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُقِرَّةً عَلَى دِينِهَا لِإِقْرَارِهَا بِصِحَّتِهِ، وَقَدْ صَارَتْ بِانْتِقَالِهَا عَنْهُ مُقِرَّةً بِبُطْلَانِهِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا إِلَّا دِينُ الْحَقِّ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تُؤْخَذُ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوْ إِلَى دِينِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا الرُّجُوعُ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَدْيَانِ، فإن أقر أهلها عليه؛ لأنه الذي تناوله عقد ذمتها، فكان أحصن أَدْيَانِ الْكُفْرِ بِهَا، وَلَيْسَ لِإِقْرَارِهَا بِصِحَّتِهِ تَأْثِيرٌ في صحته فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ تُقَرَّ عَلَيْهِ بَعْدَ رُجُوعِهَا إِلَيْهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا تُؤْخَذُ بِرُجُوعِهَا إِلَى الإسلام، فإن أبت فإلى دينها الذي كانت عَلَيْهِ أَوْ إِلَى دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ فَيَسْتَوِي حُكْمُ دِينِهَا، وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَدْيَانِ الَّتِي تقر أَهْلُهَا عَلَيْهَا فِي رُجُوعِهَا إِلَى مَا شَاءَتْ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ عِنْدَنَا مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ تَنَوَّعَ. فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ فَلَهَا حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَرْجِعَ إِلَى الدِّينِ الَّذِي أُمِرَتْ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ وَأَقَامَتْ عَلَى دِينِهَا فَنِكَاحُهَا قَدْ بَطَلَ وَلَا مَهْرَ لَهَا إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَهَا الْمَهْرُ إِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَمَا الَّذِي يوجب حُكْمَ هَذِهِ الرِّدَّةِ فِيهِ قَوْلَانِ: