أَحَدُهُمَا: تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطُّهْرِ قُرْءًا وَيَكُونُ زَمَانُ الطَّلَاقِ زَمَانًا لِوُقُوعِهِ وَلِلْعِدَّةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الطَّلَاقُ طَلَاقَ سُنَّةٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، أَنَّ زَمَانَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بَعْدَ الِاعْتِدَادِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ حَرُورُ الطُّهْرِ اعْتَدَّتْ بِمَا تَسْتَقْبِلُهُ مِنَ الطُّهْرِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ طَلَاقَ بِدْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ طَوَّلَ الْعِدَّةَ عَلَيْهَا، وَنَحْنُ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، إِذَا طَلَّقَهَا فِي آخِرِ أَجْزَاءِ حَيْضِهَا.
فَإِنْ قِيلَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ: إِنَّ الطَّلَاقَ فِي آخِرِ الطُّهْرِ طَلَاقُ سُنَّةٍ كَانَ هَذَا طَلَاقَ بِدْعَةٍ.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ ذَاكَ طَلَاقُ بِدْعَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ كَانَ هَذَا طَلَاقَ سُنَّةٍ لِاتِّصَالِهِ بِالْعِدَّةِ.
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا آخِرُ الْعِدَّةِ فَقَدْ رَوَى الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ أَنَّهَا إِذَا رَأَتْ دَمَ الْحَيْضِ بَعْدَ الطُّهْرِ الثَّالِثِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ وَرَوَى الْبُوَيْطِيُّ وَحَرْمَلَةُ: أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا حَتَّى يَمْضِيَ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي اخْتِلَافِ هَذَا النَّقْلِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِرُؤْيَةِ الدَّمِ عَلَى مَا رَوَاهُ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ؛ لِأَنَّ تَحْدِيدَ عَدَّتِهَا ثَلَاثَةَ أَقَرَاءٍ يَمْنَعُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ عِدَّتَهَا لَا تَنْقَضِي إِلَّا بِمُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ عَلَى مَا رَوَاهُ الْبُوَيْطِيُّ وَحَرْمَلَةُ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ حَيْضٌ بيقين.
الوجه الثَّانِي: أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ مَحْمُولٌ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَرِوَايَةُ الْمُزَنِيِّ وَالرَّبِيعِ أَنَّ عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِرُؤْيَةِ الدَّمِ إِذَا كَانَتْ مُعْتَادَةً وَرَأَتِ الدَّمَ فِي وَقْتِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْهُ أَنَّهُ حَيْضٌ؛ وَرِوَايَةُ الْبُوَيْطِيِّ وَحَرْمَلَةَ أَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي إِلَّا بِمُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِذَا كَانَتْ مُبْتَدِأَةً أَوْ مُعْتَادَةً وَرَأَتِ الدَّمَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنَ ابْتِدَائِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ حَتَّى تَسْتَدِيمَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنَ اعْتِبَارِ الدَّمِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِيهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي زَمَانِهِ، هَلْ يَكُونُ مِنَ الْعِدَّةِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنَ الْعِدَّةِ لِاعْتِبَارِهِ فِيهَا، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ رَجْعَتُهَا فِيهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute