للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَيْءٌ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَكَمَا لَا يَرِثُ مُسْلِمًا لَا يَرِثُهُ مُسْلِمٌ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي حُكْمِ مَالِهِ فِي حَيَاتِهِ.

فَأَمَّا حُكْمُ مَالِهِ بَعْدَ قَتْلِهِ أَوْ مَوْتِهِ مُرْتَدًّا، فَالْكَلَامُ فِيهِ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْحُقُوقِ.

وَالثَّانِي: فِي اسْتِحْقَاقِ بِاقِيهِ.

فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ فَثَلَاثَةٌ: دُيُونٌ، وَجِنَايَاتٌ، وَنَفَقَاتٌ فَأَمَّا الدُّيُونُ: فَمَا وَجَبَ مِنْهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ فَمُسْتَحَقٌّ، وَمَا وَجَبَ مِنْهَا بَعْدَ الرِّدَّةِ فَإِنْ كَانَ عَنْ تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَمْضِيٍّ اسْتُحِقَّ، وَمَا كَانَ مِنْهَا عَنْ تَصَرُّفٍ بَاطِلٍ مَرْدُودٍ لَمْ يُسْتَحَقَّ.

وَأَمَّا الْجِنَايَاتُ عَلَى النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ: فَمُسْتَحَقَّةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ الرِّدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ ضَامِنٌ لِمَا أَتْلَفَ.

وَأَمَّا النَّفَقَاتُ: فَمَا وَجَبَ مِنْهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ فَمُسْتَحَقٌّ إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ أَوْ نَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ، إِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِالِافْتِرَاضِ عَلَيْهَا. وَإِنْ سَقَطَتْ بِالتَّأْخِيرِ كَانَ سُقُوطُهَا مَعَ الرِّدَّةِ أَحَقَّ.

وَأَمَّا مَا وَجَبَ مِنْهَا فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ:

فَإِنْ قِيلَ بِبَقَاءِ مَالِهِ عَلَى مِلْكِهِ: وَجَبَتْ.

وَإِنْ قِيلَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ مَالِهِ، فَفِي وُجُوبِهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا تَجِبْ لِعَدَمِ مَحَلِّهَا كَالْإِعْسَارِ بِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَجِبُ وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَمَّا لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ، وَلَا يَزُولُ عَمَّا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ كَالْمَوْتِ يَزُولُ بِهِ مِلْكُ الْمَيِّتِ إِلَّا عَمَّا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ كَفَنِهِ وَمَؤونَة دَفْنِهِ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمَوْرُوثُ مِنْ بَاقِي مَالِهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُسْتَحِقِّهِ عَلَى سِتَّةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: - وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - إنَّهُ يَنْتَقِلُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ فَيْئًا، وَلَا يَرِثُهُ مُسْلِمٌ وَلَا كَافِرٌ.

وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

<<  <  ج: ص:  >  >>