للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي إِثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ اشْتَمَلَ شَرْطُهَا الْمُعْتَبَرُ فِي إِجْزَائِهَا وَانْبِرَامِ الْحُكْمِ بِهَا عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: شَرْطُهَا فِي الْعِلْمِ وَالْبَتِّ.

وَالثَّانِي: شَرْطُهَا فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ.

فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ شَرْطُهَا فِي الْحَلِفِ بِهَا عَلَى الْعِلْمِ وَالْبَتِّ، فَالْيَمِينُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ عَلَى إِثْبَاتٍ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ عَلَى نَفْيٍ.

فَإِنْ كَانَتْ عَلَى إِثْبَاتٍ، فَهِيَ عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ، سَوَاءٌ أَثَبَتَ بِهَا الْحَالِفُ مَا حَدَثَ عَنْ فِعْلِهِ أَوْ مَا حَدَثَ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِ.

وَالْحَادِثُ عَنْ فِعْلِهِ أَنْ يَقُولَ قَطْعًا بَاتًّا: وَاللَّهِ لَقَدْ بِعْتُكَ دَارِي أَوِ اشْتَرَيْتُ دَارَكَ أَوْ أَجَّرْتُكَ عَبْدِي، أَوِ اسْتَأْجَرْتُ عَبْدَكَ، أَوْ أَقْرَضْتُكَ أَلْفًا، أَوِ اقْتَرَضْتَ مِنِّي أَلْفًا سَوَاءٌ أَضَافَ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ أَوْ إِلَى خَصْمِهِ، لِأَنَّهُ بِهَا تَمَّ، فَصَارَ حَادِثًا عَنْ فِعْلِهِ.

وَأَمَّا الْحَادِثُ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: وَاللَّهِ لَقَدِ اشْتَرَى مِنْكَ أَبِي دَارَكَ، أَوِ اشْتَرَيْتَ مِنْ أَبِي دَارَهُ، أَوْ لَقَدِ اسْتَأْجَرَ مِنْكَ أَبِي عَبْدَكَ، أَوِ اسْتَأْجَرْتَ مِنْ أَبِي عَبْدَهُ، أَوْ لَقَدْ أَقْرَضَكَ أَبِي أَلْفًا، أَوْ لَقَدِ اقْتَرَضْتَ مِنْ أَبِي أَلْفًا، فَتَكُونُ يَمِينُ الْإِثْبَاتِ لِفِعْلِهِ، وَفِعْلِ غَيْرِهِ عَلَى الْبَتِّ، وَالْقَطْعِ فِي الْحَالَتَيْنِ مَعًا، لِأَنَّهُ عَلَى إِحَاطَةِ عِلْمٍ بِفِعْلِهِ، وَمَا ادَّعَى فِعْلَ غَيْرِهِ إِلَّا بَعْدَ إِحَاطَتِهِ بِفِعْلِهِ.

(فَصْلٌ)

: وَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيٍ لِبَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ قَرْضٍ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا: هَلْ تَكُونُ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى الْعِلْمِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: إِنَّهَا عَلَى الْبَتِّ كَالْإِثْبَاتِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ: إِنَّهَا عَلَى الْعِلْمِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ.

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ: إِنَّهَا إِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ نَفْسِهِ، فَهِيَ عَلَى الْبَتِّ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ، وَلَا بِعْتُ، وَلَا أَجَّرْتُ، وَلَا نَكَحْتُ، وَلَا طَلَّقْتُ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ، فَهِيَ عَلَى الْعِلْمِ دُونَ الْبَتِّ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَبِي بَاعَكَ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ آجَرَكَ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ اقْتَرَضَ مِنْكَ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ وَصَّى لَكَ، لِأَنَّهُ عَلَى إِحَاطَةِ عِلْمٍ بِمَا نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَكَانَتْ يَمِينُهُ فِيهِ قَطْعًا عَلَى الْبَتِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>