للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَزُولُ الْوَلَاءُ، وَيَرْتَفِعُ، وَيَصِيرُ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ مِمَّنْ لا ولاء عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: وَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ بِسَبَبِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عِتْقُ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ اسْتِرْقَاقِ سَيِّدِهِ وَقَبْلَ مَوْتِهِ، فالولاء ثَابِتٌ، وَفِي مُسْتَحِقِّهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ.

وَالثَّانِي: يَكُونُ لِسَيِّدِ السَّيِّدِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ فِي مُكَاتَبِ الْمُكَاتَبِ إِذَا عَتَقَ الثَّانِي قَبْلَ عِتْقِ الْأَوَّلِ كَانَ فِي وَلَاءِ الثَّانِي قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ لِلسَّيِّدِ.

وَالثَّانِي: مَوْقُوفٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ عِتْقُ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ، فَيَكُونَ وَلَاؤُهُ ثَابِتًا لِبَيْتِ الْمَالِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ أَغَارَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى مُكَاتَبٍ ثُمَّ اسْتَنْقَذَهُ الْمُسْلِمُونَ كَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي مُسْلِمٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَغَارَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمُكَاتَبِ، فَسَبَوْهُ لَمْ يَمْلِكُوهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ، لِأَنَّ الْمُشْرِكَ لَا يَمْلِكُ مَالَ مُسْلِمٍ، وَقَدْ وَافَقَنَا عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ فِي أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِ مُكَاتَبَهُ، وَلَا مُدَبَّرَهُ، وَلَا أُمَّ وَلَدِهِ، وَخَالَفَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِ، وَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ أَصْلٌ يُحِجُّهُ فِيمَا خَالَفَ فِيهِ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ الْمَسْبِيُّ لِذِمِّيٍّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ لَمْ يَمْلِكِ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ بِالسَّبْيِ، لِأَنَّ لِدَارِ الْإِسْلَامِ حُرْمَةً تَمْنَعُ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ كذلك فَالْمُكَاتَبُ بَعْدَ السَّبْيِ عَلَى كِتَابَتِهِ، وَلَيْسَ لِلسَّبْيِ تَأْثِيرٌ فِي حَلِّهَا، لِلُزُومِ الْعَقْدِ فِي حَقِّهِ، فَإِذَا أَدَّى فِي حَالِ السَّبْيِ عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ.

إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ مَقْهُورًا، فَإِنْ كَانَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فخلا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَسْبِ، فَذَلِكَ الزَّمَانُ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِ كِتَابَتِهِ، وَلِلسَّيِّدِ إِذَا حَلَّتْ نُجُومُهُ أَنْ يُعَجِّزَهُ بِهَا، وَيُعِيدَهُ عَبْدًا، وَإِنْ كَانَ مَقْهُورًا فِيهَا لِغَلَبَةِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى اسْتِخْدَامِهِ حَتَّى قَدَرْنَا عَلَيْهِ، فَهَلْ يُحْسَبُ عَلَيْهِ الْمُدَّةُ الَّتِي كَانَ فيها مَغْلُوبًا عَلَى نَفْسِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْمُكَاتَبِ إِذَا غَلَبَهُ سَيِّدُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِاسْتِخْدَامِهِ:

أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: أَنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْمُدَّةِ، لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْكِتَابَةِ موضوع لِاكْتِسَابِ الْمُكَاتَبِ فِيهَا وَالِاكْتِسَابُ فِي زَمَانِ الْغَلَبَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَلَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ، فَعَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>