فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّهُ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ، فَعَلَى هَذَا يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ سَهْمًا
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ بَيَانٌ لِمُجْمَلِ الْآيَةِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَسْتَحِقُّ إِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ فِي الْغَنِيمَةِ سَهْمًا فَإِذَا قِيلَ بِاسْتِحْقَاقِهِ لِلسَّلَبِ لَمْ يُرْضَخْ لَهُ وَجْهًا وَاحِدًا، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ
وَإِنْ قِيلَ: لَا يَسْتَحِقُّهُ كَانَ السَّلَبُ مَغْنَمًا، وَزِيدَ الْقَاتِلُ فِي رَضْخِهِ لِأَجْلِ بَلَائِهِ فِي قَتْلِهِ.
(فَصْلٌ)
: فَإِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلَكِنْ قَطَعَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ، فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَقْطَعَ مِنْهُ مَا لَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْحُضُورِ وَلَا مِنَ الْقِتَالِ، كَقَطْعِ أَسْنَانِهِ، أَوْ جَدْعِ أَنْفِهِ أَوْ سَمَلِ إِحْدَى عَيْنَيْهِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُفَّ كَيْدَهُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَقْطَعَ مِنْهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْحُضُورِ وَالْقِتَالِ جَمِيعًا، كَقَطْعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ عَطَّلَهُ، فَصَارَ كَقَتْلِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقْطَعَ مِنْهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْحُضُورِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْقِتَالِ كَقَطْعِ الرِّجْلَيْنِ، أَوْ يَقْطَعَ مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْقِتَالِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْحُضُورِ، كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ، فَعَلَى اسْتِحْقَاقِهِ لِسَلَبِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّهُ، لِأَنَّهُ قَدْ كَفَّهُ عَنْ كَمَالِ الْكَيْدِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْتَحِقُّهُ، لِأَنَّهُ إِنْ قَطَعَ رِجْلَيْهِ قَدَرَ عَلَى الْقِتَالِ بِيَدَيْهِ إِذَا رَكِبَ وَإِنْ قَطَعَ يَدَيْهِ قَدَرَ عَلَى الْحُضُورِ بِرِجْلَيْهِ مُكَثِّرًا وَمُهَيِّبًا، وَلَوْ أَخَذَهُ أَسِيرًا فَفِي اسْتِحْقَاقِهِ لِسَلَبِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ، لِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى أَسْرِهِ كَانَ عَلَى قَتْلِهِ أَقْدَرَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا سَلَبَ لَهُ لِأَنَّهُ مَا كَفَّ كَيْدَهُ وَلَا كَفَّ شَرَّهُ.
(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا السَّلَبُ مِنْ مال المقتول ينقسم ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مَا يَكُونُ كُلُّهُ سَلَبًا يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ، وَهُوَ مَا كَانَ مُقَاتَلًا فِيهِ مِنْ ثِيَابٍ وَجُبَّةٍ أَوْ مُقَاتَلًا عَلَيْهِ مِنْ فَرَسٍ أَوْ مَطِيَّةٍ أَوْ مُقَاتَلًا بِهِ مِنْ سِلَاحٍ وَآلَةٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا يَكُونُ مَغْنَمًا وَلَا يَكُونُ سَلَبًا، وَهُوَ مَا لَهُ فِي الْعَسْكَرِ مِنْ كُرَاعٍ وَسِلَاحٍ وَخِيَمٍ وَآلَةٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَهُوَ مَا كَانَ مَعَهُ فِي الْمَعْرَكَةِ لَا يُقَاتِلُ بِهِ، وَلَكِنَّهُ قُوَّةٌ لَهُ عَلَى الْقِتَالِ كَفَرَسٍ يُجَنِّبُهُ مَعَهُ، أَوْ مَالٍ فِي وَسَطِهِ أَوْ حُلِيٍّ عَلَى بَدَنِهِ، فَفِي كَوْنِهِ سَلَبًا وَجْهَانِ: