وَمِثْلُهُ فِي الطَّلَاقِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً فَيَكُونُ عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ.
فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ درهم ومئة ديناً إِلَّا خَمْسِينَ فَأَرَادَ بِالْخَمْسِينَ الْمُسْتَثْنَاةِ جِنْسًا غَيْرَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ قُبِلَ مِنْهُ. وَإِنْ أَرَادَ أَحَدَ الْجِنْسَيْنِ مِنَ الدَّرَاهِمِ أَوِ الدَّنَانِيرِ أَوْ هُمَا قُبِلَ مِنْهُ. وَإِنْ فَاتَ بَيَانُهُ فَعِنْدَ أبي حنيفة يَعُودُ إِلَى مَا يَلِيهِ. وَعِنْدَنَا أَنَّهُ يَعُودُ إِلَى الْمَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، ثُمَّ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَعُودُ إِلَى كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمِيعُ الِاسْتِثْنَاءِ فَيُسْتَثْنَى مِنَ الْأَلْفِ درهم خمسون ومن المئة دِينَارٍ خَمْسُونَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَعُودُ إِلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ فَيُسْتَثْنَى مِنَ الدَّرَاهِمِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَمِنَ الدَّنَانِيرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ.
فَصْلٌ
: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا فَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فِي رَجُلٍ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إِلَّا دِرْهَمًا فَعِنْدَنَا أَنه يَرْجِعَ إِلَى بَيَانِهِ فِي الْأَلْفِ وَلَا يَصِيرُ بِاسْتِثْنَاءِ الدَّرَاهِمِ مِنْهَا دَرَاهِمُ كُلُّهَا.
وَعِنْدَ أبي حنيفة ومحمد يَصِيرُ الْأَلْفُ كُلُّهَا دَرَاهِمَ لِاسْتِثْنَاءِ الدَّرَاهِمِ مِنْهَا لِمَنْعِهِمْ أَنْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَلَوْ قَالَ أَلْفٌ إِلَّا عَبْدًا لَمْ تَصِرِ الْأَلْفُ عَبِيدًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي حنيفة وصارت عند محمد بن حسن عَبِيدًا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.
وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى بَيَانِهِ فِي الْأَلْفِ فَأَيَّ شَيْءٍ بَيَّنَهُ قَبِلْنَا بَيَانَهُ فِيهِ، فَإِنْ بَيَّنَ الْأَلْفَ دَرَاهِمَ أَسْقَطْنَا منها درهماً لاستثناءه إِيَّاهُ وَأَوْجَبْنَا عَلَيْهِ مَا سِوَاهُ، وَإِنْ بَيَّنَهَا فُلُوسًا أَوْ نُحَاسًا أَوْ خَرَزًا أَوْ جَوْزًا قَبِلْنَاهُ. فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَكُونُ مَعْلُومًا قَوَّمْنَاهُ وَأَسْقَطْنَا مِنْ قِيمَتِهِ الدِّرْهَمَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَكُونُ مَعْلُومًا سَأَلْنَاهُ عَنْ قِيمَتِهِ وَأَسْقَطْنَا مِنْهُ الدِّرْهَمَ الْمُسْتَثْنَى. فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ إِسْقَاطِ الدِّرْهَمِ بَقِيَّةٌ فَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ. وَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ إِسْقَاطِ الدِّرْهَمِ بَقِيَّةٌ مِثْلَ أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفِ جَوْزَةٍ قِيمَتُهَا دِرْهَمٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ بَيَانُهُ وَيُؤْخَذُ عَلَيْهِ بِبَيَانِ مَا يَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ الْمُسْتَثْنَى حَتَّى يَبْقَى بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ بَقِيَّةٌ وَإِنْ قُبِلَتْ فَيَكُونُ هُوَ الْقَدْرُ الْمُقَرُّ بِهِ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ بَيَانِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَارَ كَمَنْ أَقَرَّ بِمُجْمَلٍ ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ بَيَانِهِ فَيَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُحْبَسُ حَتَّى يُبَيِّنَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute