للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الباقي من العمل فيها رجلاً آخر يسهم مُشَاعٍ فِي الثَّمَرَةِ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ مِنْ حِصَّةِ العامل عند حصول الثمرة، وتناهيها، ويعز الْبَاقِي مِنْ حِصَّتِهِ - إِنْ بَقِيَ - مَحْفُوظًا لَهُ إِنْ عَادَ، وَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ حِصَّتَهُ مِنْهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي: أَنْ يُقَالَ لِرَبِّ النَّخْلِ: قَدْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ، وَهَذَا عَيْبٌ يُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الْمُقَامِ عَلَى الْمُسَاقَاةِ أَوِ الْفَسْخِ، فَإِنْ أَقَامَ عَلَيْهَا صَارَ مُتَطَوِّعًا بِالْبَاقِي مِنَ الْعَمَلِ وَلِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ فَسَخَ صَارَ الْعَقْدُ مُنْفَسِخًا فِي الْبَاقِي مِنَ الْعَمَلِ.

ثُمَّ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لُزُومُهُ فِي الْمَاضِي مِنَ الْعَمَلِ، وَتَكُونُ حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنَ الثَّمَرَةِ مُقَسَّطَةً عَلَى الْعَمَلَيْنِ الْمَاضِي مِنْهُ وَالْبَاقِي، فَيَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ مِنْهَا مَا قَابَلَ الْمَاضِي مِنْ عَمَلِهِ، وَيَسْتَحِقُّ رَبُّ النَّخْلِ مَا قَابَلَ الْبَاقِيَ مِنْ عَمَلِهِ مَضْمُومًا إِلَى حِصَّتِهِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِنْ كَانَ رَبَّ النَّخْلِ عِنْدَ هَرَبِ الْعَامِلِ لَمْ يَأْتِ الْحَاكِمُ، وَاسْتَأْجَرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ عَمِلَ بَاقِيَ الْعَمَلِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحَاكِمِ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِمَا أَنْفَقَ وَالْعَامِلُ عَلَى حَقِّهِ فِي الثَّمَرَةِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ الْحَاكِمِ نُظِرَ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ بِمَا أَنْفَقَ أَوْ نَوَى الرُّجُوعَ وَلَمْ يَشْهَدْ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالنَّفَقَةِ لَا يَرْجِعُ بِهَا، وَالْعَامِلُ عَلَى حَقِّهِ مِنَ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ وَأَشْهَدَ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ بِهَا لِلضَّرُورَةِ وَإِنَّ مَا فَعَلَهُ هُوَ غَايَةُ مَا فِي وُسْعِهِ.

وَالثَّانِي: لَا يَرْجِعُ بِهَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ حَاكِمًا لِنَفْسِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ فِي ضَرُورَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[مسألة]

قال المزني رحمه الله تعالى: " إِنْ عَلِمَ مِنْهُ سَرِقَةً فِي النَّخْلِ وَفَسَادًا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَتُكُورِيَ عَلَيْهِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ عَلَى الْعَامِلِ فِي الثَّمَرَةِ حَقَّيْنِ: أَحَدُهُمَا: حِفْظُهَا، وَالثَّانِي: أَدَاءُ الْأَمَانَةِ فِيهَا، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ تَقْصِيرٌ فِي الْحِفْظِ أُخِذَ بِهِ وَاسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ مَنْ يَحْفَظُهَا مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ ظَهَرَتْ مِنْهُ خِيَانَةٌ فِي الثَّمَرَةِ وَسَرِقَةٌ لَهَا بِإِقْرَارٍ مِنْهُ أَوْ بَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَيْهِ، أَوْ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُولِهِ مُنِعَ مِنَ الثَّمَرَةِ وَرُفِعَتْ يَدُهُ عَنْهَا (قَالَ المزني ههنا) وَيُكَارَى عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُ فِي الثَّمَرَةِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَمِينًا يَضُمُّهُ إِلَيْهِ لِيَقُومَ بِحِفْظِ الثَّمَرَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلٍ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَرْدُودٌ إِلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ لِيَحْكُمَ بِمَا يَرَاهُ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ.

فَأَمَّا إِنِ ادَّعَى رَبُّ النَّخْلِ الْخِيَانَةَ وَالسَّرِقَةَ، وَالْعَامِلُ مُنْكِرٌ لَهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ تَقُومُ بِهَا فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ، وَهُوَ عَلَى تَصَرُّفِهِ فِي الثَّمَرَةِ لَا تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>