للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَالثَّالِثُ أَنْ يَسْبِقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِنْ سَبَقَهُ صَاحِبُهُ أَخَذَ السَّبَقَ وَإِنْ سَبَقَ صَاحِبُهُ أَحْرَزَ سَبَقَهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا هُوَ السَّبْقُ الثَّالِثُ مِنَ الْأَسْبَاقِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ أَنْ يَسْتَبِقَ الرَّجُلَانِ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا مَالَ السَّبَقِ دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ سَبَقَ مُخْرِجُ الْمَالِ أَحْرَزَ مَالَ نَفْسِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَسْبُوقِ، فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُ الْمُخْرِجِ أَخَذَ مَالَ الْمُخْرِجِ، وَهَذَا سَبْقٌ جَائِزٌ لِأَنَّهُ يَصِيرُ غَيْرُ الْمُخْرِجِ مِنْهُمَا مُحَلِّلًا، فَصَارَ بِهِ خَارِجًا مِنْ حُكْمِ الْقِمَارِ.

وَهَكَذَا لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً، وَأَخْرَجَ مَالَ السَّبَقِ، مِنْهُمْ، اثْنَانِ أَوْ عَشَرَةٌ، فَأَخْرَجَ مَالَ السَّبَقِ مِنْهُمْ تسعةٌ صَحَّ وَكَانَ غَيْرُ الْمُخْرِجِ كَالْمُحَلِّلِ.

فَإِنْ تَسَابَقَ الرَّجُلَانِ يُخْرِجُ أَحَدُهُمَا الْمَالَ دُونَ الْآخَرِ عَلَى شرطٍ فَسَدَ بِهِ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ سَبَقَ أَحَدُهُمَا نُظِرَ.

فَإِنْ كَانَ السَّابِقُ مُخْرِجَ الْمَالِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمَسْبُوقِ لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى غَيْرِ بَدَلٍ، وَإِنْ سَبَقَ غير المخرج نفس استحقاقه أجرة مثله على المسبوق المخرج وجهان مضيا.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَلَا يَجُوزُ السَّبْقُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْغَايَةُ الَّتِي يَخْرُجَانِ مِنْهَا وَيَنْتَهِيَانَ إِلَيْهَا وَاحِدَةً ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ: لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ السَّبْقِ مِنْ مَسَافَةِ السِّبَاقِ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مَسَافَةُ السَّبْقِ مَعْلُومَةَ الِانْتِهَاءِ فَيَشْتَرِطَانِ، الْجَرْيَ مِنِ ابتداءٍ مَعْلُومٍ إِلَى غَايَةٍ مَعْلُومَةٍ، لأنه من عقود المعاوضات المحروسة بالابتداء من الجهالة، فإن استسقا عَلَى غَيْرِ غَايَةٍ عَلَى أَنَّ أَيَّهُمَا سَبَقَ صَاحِبَهُ كَانَ سَابِقًا مِنْ قَرِيبِ الْمَدَى وَبِعِيدِهِ لَمْ يَجُزْ لِعِلَّتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ مِنَ الْخَيْلِ مَنْ يَشْتَدُّ جَرْيُهُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَيَضْعُفُ فِي الِانْتِهَاءِ وَهُوَ عِتَاقُهَا، وَمِنْهَا مَا يَضْعُفُ فِي الِابْتِدَاءِ وَيَشْتَدُّ فِي الِانْتِهَاءِ، وَهُوَ هِجَانُهَا، وَلَا يَتَحَقَّقُ السَّابِقُ مِنْهُمَا مَعَ جَهَالَةِ الْمَدَى.

وَالثَّانِي: أَنْ يُفْضِيَ ذَلِكَ مِنْهُمَا إِلَى إِجْرَاءِ الْخَيْلِ حَتَّى تَنْقَطِعَ، وَتَهْلِكَ طَلَبًا لِلسَّبْقِ فَمُنِعَ مِنْهُ، فأما الرمي إذا عقد بين المترامين على أن أَيَّهُمَا أَبْعَدُ سَهْمًا، فَهُوَ فَاضِلٌ فَفِي صِحَّتِهِ وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>