للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيَاتِهِ مَوْلُودًا، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِلْغَامِدِيَّةِ حِينَ عَادَتْ إِلَيْهِ بَعْدَ وَضْعِ حَمْلِهَا: " اذْهَبِي حَتَّى تُرْضِعِيهِ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ".

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُوجَدَ لَهُ مُرْضِعٌ قَدْ تَعَيَّنَتْ وَسُلِّمَ إِلَيْهَا مُلَازِمَةً لِرَضَاعِهِ فَيُقْتَصُّ مِنْهَا فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَقِيَّةِ نِفَاسِهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْوَلَدِ عَلَيْهَا حَقٌّ وَلَا لِحَيَاتِهِ بِهَا تَعَلُّقٌ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُوجَدَ لَهُ مَنْ لَا يَتَرَتَّبُ لِرَضَاعِهِ مِنَ النِّسَاءِ عَلَى الدَّوَامِ، أَوْ يُوجَدُ لَهُ بَهِيمَةٌ ذَاتُ لَبَنٍ يَكْتَفِي بِلَبَنِهَا وَلَا يُوجَدُ لِرَضَاعِهِ أَحَدُ النِّسَاءِ، فيقال لولي القصاص. الأولى بك أن تصر عَلَيْهَا لِتَقُومَ بِرَضَاعِهِ، لِئَلَّا يَخْتَلِفَ عَلَيْهِ لَبَنُ النِّسَاءِ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ لَهُ إِحْدَاهُنَّ، أَوْ يُعْدَلْ بِهِ إِلَى لَبَنِ بَهِيمَةٍ وَلَبَنُ النِّسَاءِ أَوْثَقُ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُكَ الصَّبْرُ، لِأَنَّ فِيمَا يُوجَدُ مِنْ لَبَنِ الْبَهِيمَةِ وَمَنْ لَا يَتَرَتَّبُ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ حِفْظٌ لِحَيَاتِهِ فَإِنْ صَبَرَ مُخْتَارًا أُخِّرَ قَتْلُهَا، وَإِنِ امْتَنَعَ وَطَلَبَ التَّعْجِيلَ قُتِلَتْ وَلَمْ تُؤَخَّرْ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ " فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا مُرْضِعٌ فَأَحَبُّ إِلَيَّ لَوْ تُرِكَتْ بِطِيبِ نَفْسِ الْوَلِيِّ حَتَّى يُوجَدَ لَهُ مُرْضِعٌ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قُتِلَتْ " وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَهُ الْمُزَنِيُّ أَنَّهُ أَرَادَ إِذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ مُرْضِعٌ أَبَدًا.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَيُوجَدُ لَهُ مُرْضِعٌ يَتَرَتَّبُ لِرَضَاعِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي الْحَالِ وَلَا تَسَلَّمَتْهُ، فَفِي تَعْجِيلِ قَتْلِهَا قَبْلَ تَعْيِينِ مُرْضِعَةٍ وَتَسْلِيمِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ أَظْهَرُهُمَا تَعْجِيلُ قَتْلِهَا، إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْوَلِيُّ بِإِنْظَارِهَا إِلَى تَعْيِينِ الْمُرْضِعِ وَتَسْلِيمِهِ لِأَنَّنَا لَا نَأْمَنُ عَلَى الْمَوْلُودِ مِنْ تَلَفِ النَّفْسِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ تَأْخِيرُ قَتْلِهَا حَتَّى يَتَعَيَّنَ الْمُرْضِعُ وَتَتَسَلَّمُهُ، رَضِيَ بِهِ الْوَلِيُّ أَوْ لَمْ يَرْضَ؟ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَأَخَّرَ تَعْيِينُ المرضع وتسليمه إليها زماناً لا يصير الْمَوْلُودُ فِيهِ عَلَى فَقْدِ الرَّضَاعِ فَيَتْلَفُ.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رحمه الله: " ولوعجل الْإِمَامُ فَاقْتَصَّ مِنْهَا حَامِلًا فَعَلَيْهِ الْمَأْثَمُ فَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينًا ضَمِنَهُ الْإِمَامُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دُونَ المقتص (قال المزني) رحمه الله بل على الولي لأنه اقتص لنفسه مختاراً فجنى على من لا قصاص له عليه فهو بغرم ما أتلف أولى من إمام حكم له بحقه فأخذه وما ليس له ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا عُجِّلَ قَتْلُ الْحَامِلِ قَوَدًا ولم تسهل حَتَّى تَضَعَ لَمْ يَخْلُ حَالُهَا بَعْدَ الْقَتْلِ من أن تلق وَلَدًا، أَوْ لَا تُلْقِيَهُ فَإِنْ لَمْ تُلْقِ وَلَدًا فَلَا ضَمَانَ فِي الْحَمْلِ، لِأَنَّهُ مَوْهُومٌ وَيُنْظَرُ حَالُهَا، فَإِنْ كَانَتْ أَمَارَاتُ الْحَمْلِ ظَاهِرَةً عَلَيْهَا كَانَ قَاتِلُهَا آثِمًا إِذَا عَلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>