للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَرَثَةَ مِنْ إِجَازَتِهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ فِي مَرَضِهِ مَالٌ يَخْرُجُونَ مِنْ ثُلُثِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَتْلَفَ مَالُهُ، فَلَا يَصِلُ إِلَى وَرَثَتِهِ أَوْ يَرْكَبَهُ دَيْنٌ يُسْتَرَقُّونَ فِي قَضَائِهِ.

فَصْلٌ

فَإِذَا مَاتَ الْمُعْتِقُ، وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ كَانَ مَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ سَهْمُ الْعِتْقِ حُرًّا بِلَفْظِ الْمُعْتِقِ، وَمَلَكَ جَمِيعَ أَكْسَابِهِ فِي حَيَاةِ مُعْتِقِهِ.

وَمَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ سَهْمُ الرِّقِّ مَمْلُوكًا لَمْ يَزُلْ، وَجَمِيعُ أَكْسَابِهِ تَرِكَةٌ مَوْرُوثَةٌ، وَلَا تَقَعُ بِالْقُرْعَةِ حُرِّيَّةٌ وَلَا رِقٌّ، وَإِنَّمَا لِتَتَمَيَّزَ بِهَا الْحُرِّيَّةُ مِنَ الرِّقِّ.

وَحُكِيَ عن مالك أن بِالْقُرْعَةِ يَقَعُ الْعِتْقُ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " حِينَ أَقْرَعَ بَيْنَ الْعَبِيدِ السِّتَّةِ أَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً ". وَهَذَا الْمَحْكِيُّ عَنْهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ خُرُوجُهُمْ مِنَ الثُّلُثِ مُوجِبًا لِعِتْقِهِمْ بِلَفْظِ الْمَالِكِ، وَجَبَ إِذَا عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهُمْ أَنْ تَكُونَ حُرِّيَّةُ مَنْ عَتَقَ مِنْهُمْ بِلَفْظِ الْمَالِكِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ عِتْقَهُمْ بِالْقُرْعَةِ مُبْطِلٌ لِعِتْقِ الْمَالِكِ، وَإِبْطَالَ عِتْقِ الْمَالِكِ مُوجِبٌ لِإِبْطَالِ الْقُرْعَةِ، وَكُلَّ حُكْمٍ عُلِّقَ بِسَبَبٍ أَدَّى ثُبُوتُهُ إِلَى إِبْطَالِ سَبَبِهِ، بَطَلَ الْحُكْمُ بِإِثْبَاتِ سَبَبِهِ.

فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّ النَّبِيَّ (أَقْرَعَ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً) ، فَلَمْ يَكُنِ الْعِتْقُ إِلَّا مِنَ الْمَالِكِ، فَصَارَتِ الْقُرْعَةُ تَمْيِيزًا لِلْعِتْقِ مِنَ الرِّقِّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>