للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك لو اشترى عبدا أو كان ذَا زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةً فَكَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ كَانَ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ زَوْجَةَ الْعَبْدِ تَسْتَحِقُّ مِنْ كَسْبِهِ النَّفَقَةَ وَزَوْجَ الْأَمَةِ يَمْنَعُ مِنَ اسْتِمْتَاعِ الْمُشْتَرِي بِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتِ الْأَمَةُ فِي عِدَّةٍ أَوْ مُحَرَّمَةً كَانَ الرَّدُّ لَهُ وَلَوْ كَانَتْ صَائِمَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهُ قَرِيبٌ. وَلَكِنْ لَوْ كَانَتْ أُخْتَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّهَا وَإِنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ فَقَدْ تَحِلُّ لِغَيْرِهِ فَخَالَفَتِ الْمُعْتَدَّةَ الَّتِي تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ أُخْتَهُ مِنَ النَّسَبِ فَلَا رَدَّ لَهُ كَأُخْتِهِ مِنَ الرَّضَاعِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ وَالِدَيْهِ أَوْ مَوْلُودَيْهِ عُتِقَتْ وَلَا رد له ولا أرش لِأَنَّ الْعَيْبَ هُوَ النَّقْصُ الْمُخْتَصُّ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ دُونَ الْعَاقِدِ وَعِتْقُ هَذِهِ لِمَعْنًى فِي الْعَاقِدِ فَلَمْ يَكُنْ عَيْبًا وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَكَانَ في ذمته ديون عن معاملة فَلَا رَدَّ لَهُ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَهُ الرَّدُّ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ دُيُونَهُ فِي ذِمَّتِهِ لَا يلزم أداؤها إِلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ.

فَصْلٌ:

وَلَوِ اشْتَرَى دَارًا أَوْ عَبْدًا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَهَا وَكِيلٌ أَوْ أَمِينُ حَاكِمٍ أَوْ وَصِيُّ مَيِّتٍ أَوْ أَبٌ يَلِي عَلَى مَالِ ابْنِهِ فَفِي الرَّدِّ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا رَدَّ لِجَوَازِ بُيُوعِهِمْ وَصِحَّةِ عُقُودِهِمْ.

وَالثَّانِي: لَهُ الرَّدُّ لِمَا يُخَافُ مِنْ فَسَادِ النِّيَابَةِ وَاسْتِحْقَاقِ الرَّدِّ والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ كَانَ بَاعَهَا أَوْ بَعْضَهَا ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ وَلَا مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ وَإِنَّمَا لَهُ قِيمَةُ الْعَيْبِ إِذَا فَاتَتْ بِمَوْتٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ حَدَثَ بِهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ لَا يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يُرَدَّ بِهِ إِلَيْهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ وَقَدْ كَانَ بِهَا عَيْبٌ مُتَقَدِّمٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ قَبْلَ بَيْعِهَا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ قَبْلَ بَيْعِهَا فَقَدْ سَقَطَ حَقُّ الْمُشْتَرِي مِنَ العيب سقوطا مستقرا، فلا رد وله وَلَا أَرْشَ سَوَاءٌ عَادَتْ إِلَيْهِ السِّلْعَةُ أَمْ لَا لِأَنَّ بَيْعَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهَا رِضًى مِنْهُ.

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ قَبْلَ بَيْعِهَا فقد ذهب عبيد اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إِلَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِالْأَرْشِ عَلَى الْبَائِعِ لِيَسْتَدْرِكَ بِهِ نَقْصَ الْعَيْبِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ لَا أَرْشَ فِي الْحَالِ وَلَا رَدَّ لَهُ لَكِنِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْعِلَّةِ الْمَانِعَةِ مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْأَرْشِ فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: الْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدِ اسْتَدْرَكَ ظُلَامَةَ الْعَيْبِ بِمَا حَصَلَ مِنْ سَلَامَةِ الْعِوَضِ.

وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: الْعِلَّةُ فِيهِ إِمْكَانُ الرَّدِّ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ وَكِلَا الْعِلَّتَيْنِ حُجَّةٌ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَإِذَا ثَبَتَ أَنْ لَا أَرْشَ لَهُ نُظِرَ فِي الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْعَيْبِ وَرَضِيَ بِهِ فَقَدِ اسْتَقَرَّ سُقُوطُ الْأَرْشِ وَالرَّدُّ، وَإِنْ رَدَّهُ بِهِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ حِينَئِذٍ أَنْ يَرُدَّهُ بِهِ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ مَعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ له استدراك الظلامة بحصول الْعِوَضِ عَلَى تَعْلِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>