(فَصْلٌ)
فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ رَهْنِهَا دُونَ وَلَدِهَا فَحَلَّ الْحَقُّ وَهِيَ رَهْنٌ فَإِنْ أَمْكَنَ الرَّاهِنَ قَضَاءُ الْحَقِّ مِنْ مَالِهِ لَمْ تُبَعْ عَلَيْهِ وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ بِيعَتْ فِي الرَّهْنِ حينئذ فهل يَجُوزُ بَيْعُهَا دُونَ وَلَدِهَا أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ بَيْعُهَا دُونَ وَلَدِهَا لِلضَّرُورَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى ذَلِكَ كَمَا تُبَاعُ لَوْ كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَنَّهَا تُبَاعُ مَعَ وَلَدِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا رَهَنَهَا دُونَ وَلَدِهَا كَانَ الرَّهْنُ مُفْضِيًا إِلَى بَيْعِهَا وَقَدْ مَنَعَ الشَّرْعُ مِنَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صَارَ الْعَقْدُ مُوجِبًا لِبَيْعِهِ مَعَهَا.
فَعَلَى هَذَا إِذَا بِيعَا مَعًا قُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ فَمَا قَابَلَهَا مِنَ الثَّمَنِ دُفِعَ إِلَى الْمُرْتَهِنِ وَمَا قَابَلَ الْوَلَدَ دُفِعَ إِلَى الرَّاهِنِ.
وَاعْتِبَارُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: كَمْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ وَحْدَهَا إِذَا بِيعَتْ مَعَ الْوَلَدِ فَإِذَا قِيلَ: أَلْفُ دِرْهَمٍ قِيلَ: وَكَمْ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَحْدَهُ إِذَا بِيعَ مَعَ أُمِّهِ، فإذا قيل: خمسمائة درهم قسمت الثَّمَنُ أَثْلَاثًا فَدُفِعَ إِلَى الْمُرْتَهِنِ الثُّلُثَيْنِ، وَدُفِعَ إِلَى الرَّاهِنِ الثُّلُثَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ قَسَّمْتُمُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَتِهَا وَحْدَهَا إِذَا بِيعَتْ مَعَ الْوَلَدِ وَقَدْ يَلْحَقُهُ مِنْ ذَلِكَ نَقْصٌ وَهَلَّا قَسَّمْتُمُوهَا عَلَى الثَّمَنِ عَلَى قِيمَتِهَا وَحْدَهَا أَنْ لَوْ بِيعَتْ مُفْرَدَةً بِلَا وَلَدٍ كَمَا لَوْ رَهَنَهُ أَرْضًا بَيْضَاءَ فَحَدَثَ فِيهَا شَجَرٌ فَبِيعَتِ الْأَرْضُ مَعَ الشَّجَرِ قُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ أَنْ لَوْ بِيعَتْ بِغَيْرِ شَجَرٍ؟
قِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّ الشَّجَرَ حَادِثٌ بَعْدَ الرَّهْنِ فَكَانَ الثَّمَنُ مَقْسُومًا عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ أَنْ لَوْ بِيعَتْ بَيْضَاءَ وَكَذَا لَوْ حَدَثَ الْوَلَدُ بَعْدَ الرَّهْنِ كَانَ الثَّمَنُ مُقَسَّطًا عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ أَنْ لَوْ بِيعَتْ بِغَيْرِ الْوَلَدِ.
وَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الرَّهْنِ كَانَ الثَّمَنُ مَقْسُومًا عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ أَنْ لَوْ بِيعَتْ مَعَ الْوَلَدِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّجَرُ مُتَقَدِّمًا قَبْلَ الرَّهْنِ كَانَ الثَّمَنُ مَقْسُومًا عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ أَنْ لَوْ بِيعَتْ مَعَ الشَّجَرِ.
فَإِنْ قِيلَ: أَفَتَجْعَلُونَ لِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارَ إِذَا عَلِمَ بِوَلَدِ الْجَارِيَةِ الْمَرْهُونَةِ قِيلَ: إِنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ الرَّهْنِ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ الرَّهْنِ فَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقُولُ إِنَّهَا تُبَاعُ دُونَ وَلَدِهَا لَا خِيَارَ لَهُ. وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقُولُ إِنَّهَا تُبَاعُ مَعَ وَلَدِهَا فِي خِيَارِهِ وَجْهَانِ: