للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى رِقِّهِ، وَمَلَكُوا عَلَيْهِ أَكْسَابَ حِصَّتِهِمْ مِنْهُ، فَإِذَا مَاتَ الشَّرِيكُ الْبَاقِي عَتَقَ حِينَئِذٍ جَمِيعُهُ بِوَصِيَّةِ الْأَوَّلِ، وَتَدْبِيرِ الثَّانِي.

وَلَوْ أَرَادَ الثَّانِي بَيْعَ حِصَّتِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، جَازَ وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ، وَيَكُونُ عِتْقُ حِصَّةِ الْأَوَّلِ مَوْقُوفَةً عَلَى مَوْتِ الْبَاقِي بَعْدَ بَيْعِهِ، فَيُعْتَقُ بِمَوْتِ الثَّانِي حِصَّةُ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا: إِذَا مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ تُعْتَقْ حِصَّتُهُ إِلَّا بِمَوْتِهِمَا سَوَاءٌ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ أَوْ تَأَخَّرَ، وَكَانَ عِتْقُ حِصَّتِهِ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ أَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ بِالْوَصِيَّةِ إِنْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ، وَبِالتَّدْبِيرِ إِنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ، وَحِصَّةُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ بَاقِيَةٌ عَلَى الرِّقِّ فِي حَيَاتِهِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ، أَوْ تَأَخَّرَ.

وَفَرَّعَ الشَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ كِتَابِ الْأُمِّ إِذَا قَالَ الشَّرِيكَانِ فِي الْعَبْدِ: أَنْتَ حَبِيسٌ عَلَى مَوْتِ الْآخَرِ مِنَّا ثُمَّ تَكُونُ حُرًّا، كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِتْقِ حِصَّةِ الْأَوَّلِ بِالْوَصِيَّةِ، وَعِتْقِ حِصَّةِ الثَّانِي بِالتَّدْبِيرِ، وَيَخْتَصُّ هَذَا التَّفْرِيعُ بِحُكْمٍ زَائِدٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ كَسْبُ الْعَبْدِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ، وَقَبْلَ مَوْتِ الثَّانِي مِلْكًا لِلثَّانِي وَلَا يَكُونُ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ حَبِيسًا عَلَى مَوْتِ الثَّانِي جَعَلَهُ كَالْعَارِيَةِ فِي ذِمَّتِهِ مُدَّةَ حَيَّاتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ وَقْفًا، لِأَنَّ الْوَقْفَ مَا كَانَ مُؤَبَّدًا وَلَمْ يَتَقَدَّرْ بِمُدَّةٍ، فَإِذَا قُدِّرَ بِهَا خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْوَقْفِ إِلَى الْعَوَارِي، وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَرْجِعُوا فِي حُكْمِ هَذِهِ الْعَارِيَةِ. وَإِنْ جَازَ الرُّجُوعُ فِي الْعَوَارِي لِأَنَّهَا عَنْ وَصِيَّةِ مَيِّتِهِمْ، فَلَزِمَتْ بِمَوْتِهِ كَسَائِرِ الْوَصَايَا، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْتَبِرُوا كَسْبَ الْعَبْدِ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ مُوصَى بِهِ لِدُخُولِ كَسْبِهِ فِي قِيمَةِ رَقَبَتَهُ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ ثُلُثِهِ. فَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَقُتِلَ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ، وَقَبْلَ مَوْتِ الثَّانِي مَاتَ بِالْقَتْلِ عَبْدًا، لِأَنَّ صِفَةَ عِتْقِهِ لَمْ تَكْمُلْ، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ بَيْنَ الثَّانِي، وَوَرَثَةِ الْأَوَّلِ، وَكَانَ لَهُمْ أَنْ يَحْتَسِبُوا بِمَا أَخَذَهُ الثَّانِي مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ فِي ثُلُثِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِوَصِيَّتِهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي قِيمَةِ رقبته.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ قَالَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ قَدْ رَجَعْتُ فِي تَدْبِيرِكَ أَوِ نَقَضْتُهُ أَوْ أَبْطَلْتُهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَقْضًا لِلتَّدْبِيرِ حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنْ مِلْكِهِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنْ قَالَ إِنْ أَدَّى بَعْدَ مَوْتِي كَذَا فَهُوَ حُرٌّ أَوْ وَهَبَهُ هِبَةَ بَتَاتٍ قُبِضَ أَوْ لَمْ يُقْبَضْ وَرَجَعَ فَهَذَا رُجُوعٌ فِي التَّدْبِيرِ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) هَذَا رُجُوعٌ فِي التَّدْبِيرِ بِغَيْرِ إِخْرَاجٍ لَهُ مِنْ مِلْكِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْكِتَابِ الْجَدِيدِ وَقَالَ فِي الْكِتَابِ الْقَدِيمِ لَوْ قَالَ قَدْ رَجَعْتُ فِي تَدْبِيرِكَ أَوْ فِي رُبْعِكَ أَوْ فِي نِصْفِكَ كَانَ مَا رَجَعَ عَنْهُ رُجُوعًا فِي التَّدْبِيرِ وَمَا لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ مُدَبَّرًا بِحَالِهِ (وقَالَ الْمُزَنِيُّ) وَهَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ بِأَصْلِهِ وأصح لقوله إذا كان المدبر وصية فلم لا يرجع في الوصية ولو جاز له أن يخالف بين ذلك فيبطل الرجوع في المدبر ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>