رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ "
وَرَوَى مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنِ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذَا سَلَّمَ قَالَ: أَحَدُنَا بِيَدِهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا لَكُمْ تَرْمُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ، وَإِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " فَجَعَلَ الِاكْتِفَاءَ بِالسَّلَامِ فَاقْتَضَى أَنْ لَا يَجُوزَ الِاكْتِفَاءُ بِغَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ طَرَفَيِ الصَّلَاةِ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرْطِهِ النُّطْقُ كَالطَّرَفِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الصَّلَاةِ رُكْنٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلِأَنَّ كَمَالَ الْعِبَادَةِ لَا يَحْصُلُ بِمَا يُضَادُّهَا كَالْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ تَبْطُلُ بِالْحَدَثِ فِي وَسَطِهَا فَوَجَبَ أَنْ تَبْطُلَ بِالْحَدَثِ فِي آخِرِهَا كَالْوُضُوءِ، وَلِأَنَّ مَا يُضَادُّ الصَّلَاةَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُخْرَجَ بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ كَانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَالُهَا بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّعَبُّدُ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فقد قضيت صلاتك " يعني: مقاربة قضائها قوله: " إن شئت فقم، وإن شئت فاقعد " من كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ
وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ، لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الصَّلَاةِ بَاقٍ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْهَا
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَلَا يَصِحُّ، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مَحْمُولًا عَلَى مَا بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى، وَقَبْلَ الثَّانِيَةِ
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ تَجِبِ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ التَّسْلِيمَةُ الْأُولَى
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى خِطَابِ الْآدَمِيِّينَ، لِأَنَّهُ يُنَافِي الصَّلَاةَ فَوَصْفٌ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، ثُمَّ الْمَعْنَى فِي خِطَابِ الآدميين، لأنه لَوْ تَرَكَهُ وَمَا قَامَ مَقَامَهُ لَمْ تَفْسَدْ صَلَاتُهُ وَالسَّلَامُ إِذَا تَرَكَهُ وَمَا قَامَ مَقَامَهُ عِنْدَهُمْ فَقَدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ السَّلَامَ مُعَيَّنٌ فِي الصَّلَاةِ لَا يَصِحُّ الْخُرُوجُ مِنْهَا إِلَّا بِهِ فَهُوَ عِنْدَنَا مِنَ الصلاة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute