سَهْمُ مَنْ يُشَارِكُ الْحَمْلَ فِي مِيرَاثِهِ حَتَّى يُوضَعَ فَيَتَبَيَّنَ حُكْمُهُ، وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ شَيْءٌ إذا لم يتقدر أقل من فرضهم، لِأَنَّ عَدَدَ الْحَمْلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ عَلَى الْيَقِينِ وَالْمِيرَاثُ لَا يُسْتَحَقُّ بِالشَّكِّ، وَلَا بِالْغَالِبِ الْمَعْهُودِ، وليس لما ذكروه من تقدير بِالْوَاحِدِ أَوْ بِالِاثْنَيْنِ أَوْ بِالْأَرْبَعَةِ وَجْهٌ لِجَوَازِ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ وَقَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ وَرَدَ عَلَيَّ مِنَ الْيَمَنِ طَالِبًا لِلْعِلْمِ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ أَنَّ امْرَأَةً بِالْيَمَنِ وضعت حملا كالكرشي وَظَنَّ أن لَا وَلَدَ فِيهِ فَأُلْقِيَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَلَمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَحَمَى بِهَا تَحَرَّكَ فَأَخَذَ وَشَقَّ فَخَرَجَ مِنْهُ سَبْعَةُ أولاد ذكورا عَاشُوا جَمِيعًا، وَكَانُوا خُلُقًا سَوِيًّا إِلَّا أَنَّهُ قال فِي أَعْضَائِهِمْ قَصْرٌ قَالَ: وَصَارَعَنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ فَصَرَعَنِي فَكُنْتُ أُعَيَّرُ بِالْيَمَنِ، فَيُقَالُ لِي: صَرَعَكَ سُبُعُ رَجُلٍ وَإِذَا كَانَ هَذَا مُجَوَّزًا، وَإِنْ كَانَ نَادِرًا جَازَتِ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ أَيْضًا، فَعَلَى هَذَا لَوْ تَرَكَ الْمَيِّتُ ابْنًا وَزَوْجَةً حَامِلًا فَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ لَا يَنْقُصُهَا الْحَمْلُ مِنْهُ، وَلَا يَدْفَعُهَا عَنْهُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِابْنِ فَعَلَى قَوْلِ أبي يوسف لَهُ النِّصْفُ، وَيُوقَفُ النِّصْفُ وَعَلَى قَوْلِ محمد بن الحسن لَهُ الثُّلُثُ وَيُوقَفُ الثُّلُثَانِ وَعَلَى قَوْلِ أبي حنيفة لَهُ الْخَمُسُ وَتُوقَفُ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ يُوقَفُ الْجَمِيعُ حَتَّى يُوضَعَ الْحَمْلُ وَلَوْ تَرَكَتِ الأم زوجا وابن عم وأما حاملا، وطلبت الورثة أنصبائهم نُظِرَ فِي حَمْلِ الْأُمِّ، فَإِنْ كَانَ مِنْ غير أب أعطى الزوج النصف والأم السدس؛ لأنها ما تَلِدُ اثْنَيْنِ فَيَحْجُبَانِهَا وَيُوقَفُ الثُّلُثُ فَإِنْ وَلَدَتِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ دُفِعَ الثُّلُثُ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ وَلَدَتْ واحدا دفع إليه السدس ورد السدس الباقي على الأم لتستكمل الثلث فإن وضعت ميتا كمل للأب الثُّلُثَ وَدُفِعَ السُّدُسُ إِلَى ابْنِ الْعَمِّ وَيَنْبَغِي لِزَوْجِ الْأُمِّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يمسك عن وطئها ليعلم تَقَدُّمَ حَمْلِهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَوَطِئَهَا نُظِرَ فَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حين الوفاة كان الولد وارثا لِتَقَدُّمِ الْعُلُوقِ بِهِ عَلَى الْوَفَاةِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لستة أشهر فأكثر لم ترث لِإِمْكَانِ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْوَفَاةِ إِلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَرَثَةُ بِتَقَدُّمِهِ فَيَرِثُ هَذَا إِذَا كَانَ حَمْلُهَا مِنْ غَيْرِ الْأَبِ.
فَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْأُمُّ حَامِلًا مِنْ أَبِي الْمَيِّتَةِ دُفِعَ إِلَى الزَّوْجِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ وَإِلَى الْأُمِّ الثُّمُنُ وَوُقِفَ أربعة أثمانه؛ لأنها قد تلد بنتين فيكونا أُخْتَيْنِ مِنْ أَبٍ فَتَعُولُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ، فَإِنْ وضعت اثنين بنين أخذ الْمَوْقُوفَ وَإِنْ وَضَعَتْ بِنْتًا وَاحِدَةً دُفِعَ إِلَيْهَا من الموقوف بثلاثة أَثْمَانِ الْمَالِ وَرُدَّ الثُّمُنُ الْبَاقِي عَلَى الْأُمِّ، وَإِنْ وَضَعَتِ ابْنًا كُمِّلَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَدُفِعَ الْبَاقِي إِلَى الِابْنِ.
وَإِنْ وَضَعَتِ ابنتين كُمِّلَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَدُفِعَ الْبَاقِي إلى الابنتين.
وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتًا لِأَبٍ وَزَوْجَةَ أَبٍ حَامِلًا مِنْهُ أُعْطِيَ الزَّوْجُ ثَلَاثَةَ أَسْبَاعِ الْمَالِ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ وَوُقِفَ السُّبُعُ الْبَاقِي فَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا لَمْ يَرِثْ وَلَمْ تَرِثْ أُخْتُهُ وَرُدَّ السُّبُعُ الْمَوْقُوفُ عَلَى الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ نِصْفَيْنِ فَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى أَوْ إِنَاثًا دُفِعَ السُّبُعُ الْمَوْقُوفُ إِلَى الْمَوْلُودَةِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ لِأَبٍ وَاللَّهُ أعلم بالصواب.
فصل: باب فِي الِاسْتِهْلَالِ
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا رَكَضَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute