للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(باب التبكير إلى الجمعة)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " أنبأنا سفيان بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهُرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أقرن وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قرب بيضة قال فإذا خرج الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. وَالْبُكُورُ إِلَى الْجُمْعَةِ مُسْتَحَبٌّ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: ٦١] وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَغَسَلَ وَاغْتَسَلَ وَغَدَا وَانْتَظَرَ وَأَنْصَتَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَتْ كَفَارَةً لَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ " وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " بَكَّرَ " يَعْنِي فِي الزَّمَانِ. وَ " ابْتَكَرَ " يَعْنِي فِي الْمَكَانِ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، حَتَّى إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طُوِيَتِ الصُّحُفُ " يَعْنِي الصُّحُفَ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا، وَلِأَنَّهُ إِذَا بَكَّرَ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ كَانَ فِي حُكْمِ الْمُصَلِّينَ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَ يَعْمِدُ لِلصَّلَاةِ " فَلِذَلِكَ اخْتَرْنَا لَهُ الْبُكُورَ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَوَّلِ زَمَانِ الْبُكُورِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُوَ أَوَّلُ الْيَوْمِ الثَّانِي.

وَالثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، لِيَكُونَ مَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ زَمَانَ غُسْلٍ وَتَأَهُّبٍ.

فَإِذَا بَكَّرَ فِي الزَّمَانِ فَيُخْتَارُ أَنْ يُبَكِّرَ فِي الْمَكَانِ، فَيَجْلِسَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>