وَإِنْ قِيلَ بِاسْتِعْمَالِهَا لَمْ يَتَحَالَفْ عَلَيْهِ الْبَائِعَانِ، لِبَتِّ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالدَّرَكِ عَلَى مُبَايِعِهِ إِنْ تَدَاعَيَاهُ، وَلَهُمَا الرُّجُوعُ بِدَرَكِهِ، إِنْ لَمْ يَتَدَاعَيَاهُ لِأَنَّهُمَا فِي تَدَاعِيهِ مُصَدِّقَانِ لِلْبَائِعَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَتَدَاعَيَاهُ غَيْرُ مُصَدِّقِينَ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ لَهُمَا الرُّجُوعَ بِالدَّرَكِ، فَلَا خِيَارَ لَهُمَا فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَإِنْ جَعَلَ لَهُمَا الدَّرَكُ كَانَ لَهُمَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَكَانَا فِيهِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَفْسَخَا فَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَرَكِ جَمِيعِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُقِيمَا فَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَرَكِ نِصْفِهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَفْسَخَ أَحَدُهُمَا، وَيُقِيمُ الْآخَرُ، فَيَرْجِعُ الْمُقِيمُ بِدَرْكِ النِّصْفِ فَيَرْجِعُ الْفَاسِخُ بِدَرْكِ الْجَمِيعِ، وَلَا تَتَوَفَّرُ حِصَّةُ الْفَاسِخِ عَلَى التَّرَاضِي لِأَنَّ حِصَّةَ الْفَاسِخِ تَعُودُ إِلَى مُبَايِعِهِ، وَلَا تَعُودُ إِلَى مُبَايِعِ الرَّاضِي فَصَارَ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ الْوَاحِدِ، الَّذِي لَا يعود إلى مبايعه، ولا تعود إل مُبَايِعِ الرَّاضِي، فَيَتَوَفَّرُ مِنْ حِصَّتِهِ عَلَى الرَّاضِي.
(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا الْحَالُ الْخَامِسَةُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تُنْسَبَ يَدُهُ إِلَى أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ لَوْ كَانَ فِي يَدِ مَنْ نَسَبَهُ إِلَيْهِ، وَهَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَاقِينَ أَنْ يُحَلِّفَهُ إِنْ أَكْذَبَهُ عَلَى أَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَمَّنْ نَسَبَهُ إِلَيْهِ، أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي وُجُوبِ الْغُرْمُ عَلَيْهِ إِنْ صَدَّقَ غَيْرَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: بِوُجُوبِ الْغُرْمِ عَلَيْهِ مَعَ الْإِقْرَارِ، أُحْلِفَ مَعَ الْإِنْكَارِ. وَإِنْ قِيلَ: لَا غُرْمَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْلِفْ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ مِلْكًا، فَدَعَوَاهُ مَرْدُودَةٌ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْبَيِّنَتَيْنِ، لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا تَشْهَدُ بِهِ لِزَيْدٍ وَالْأُخْرَى تَشْهَدُ بِهِ لِعَمْرٍو، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَشْهَدُ بِأَنْ لَا حَقَّ فِيهِ لِصَاحِبِ الْيَدِ، وَلَا يُنْتَزَعُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ بَتِّ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ، لِيَتَعَيَّنَ بِالْحُكْمِ مُسْتَحَقُّ انْتِزَاعِهِ مِنْهُ، فَصَارَتْ يَدُهُ ضَامِنَةٌ لَهُ فِي جَنَبَةِ مُسْتَحَقِّهِ، وَقَدْ تَعَارَضَتِ الْبَيِّنَتَانِ فِيهِ مِلْكًا فِي حَقِّ الْبَائِعَيْنِ وَمَبِيعًا فِي حَقِّ المشتريين، وتساوت البينتان في حق الجنبتين لأنها بَيَّنَتَا خَارِجٍ فَتُحْمَلُ عَلَى الْأَقَاوِيلِ الثَّلَاثَةِ:
أَحَدُهَا: إِسْقَاطُ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَائِعَيْنِ خَصْمًا لِلْآخَرِ فِي مِلْكِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ خَصْمًا لِمُبَايِعِهِ فِي ابْتِيَاعِهِ، فَيَتَحَالَفُ الْبَائِعَانِ عَلَى مِلْكِهِ.
فَإِنْ حَلَفَا، حُكِمَ بِهِ لَهُمَا مِلْكًا.
وَإِنْ نَكَلَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا يَدًا.
وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا، وَنَكَلَ الْآخَرُ فَهَلْ تُرَدُّ يَمِينُ نُكُولِهِ عَلَى مُدَّعِي ابْتِيَاعِهِ؟ عَلَى