للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ مَخْصُوصٌ بِالرُّخْصَةِ.

وَالثَّانِي: يَجُوزُ لِأَنَّ فِي اسْتِثْنَاءِ الْمُتَمَتِّعِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الصَّوْمِ الَّذِي لَهُ سَبَبٌ كَالْأَوْقَاتِ الَّتِي نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا، ثُمَّ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا مَا لَهُ سَبَبٌ.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ بَلَعَ حَصَاةً أَوْ مَا لَيْسَ بطعامٍ أَوِ احْتَقَنَ أَوْ دَاوَى جُرْحَهُ حَتَّى يَصِلَ إلى جوفه أو استعط حَتَّى يَصِلَ إِلَى جَوْفِ رَأْسِهِ فَقَدْ أَفْطَرَ إن كَانَ ذَاكِرًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ نَاسِيًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا ابْتَلَعَ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا، أَوْ مَا لَيْسَ بِطَعَامٍ، وَلَا شَرَابٍ كَدِرْهَمٍ أَوْ حَصَاةٍ، أَوْ جَوْزَةٍ أَوْ لَوْزَةٍ، فَقَدْ أَفْطَرَ بِهَذَا كُلِّهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، إِذَا كَانَ عَامِدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا، فَهُوَ عَلَى صَوْمِهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ الْكُوفِيُّ: لَا يُفْطِرُ إِلَّا بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ فِي الْبُرُدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَطْعُومٍ وَلَا مَشْرُوبٍ، وَهَذَا خَطَأٌ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ أتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) {البقرة: ١٨٧) وَالصِّيَامُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلِأَنَّهُ بِالْإِجْمَاعِ مَمْنُوعٌ مِنَ ابْتِلَاعِهِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُفْطِرُهُ أَلَا تَرَى الْغُبَارَ وَشَمَّ الرَّوَائِحِ لَمَّا لم يفطره ولم يُمْنَعْ مِنْهُ، وَلَمَّا كَانَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ يُفْطِرُهُ منع منه فكذلك هذا.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا احْتَقَنَ بِالدَّوَاءِ، فَقَدْ أَفْطَرَ قليلاً كان ذلك أو كثير أَوْ سَوَاءً وَصَلَ إِلَى الْمَعِدَةِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ لَوْ قُطِرَ فِي إِحْلِيلِهِ دَوَاءٌ أَفْطَرَ بِهِ، وَسَوَاءٌ وَصَلَ إِلَى الْمَعِدَةِ أَمْ لَا لأن باطن السبيلين لا يخوف.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ كَثِيرًا أَفْطَرَ بِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يُفْطِرْهُ قَالَ أبو حنيفة يُفْطِرُ بِالْحُقْنَةِ، وَلَا يُفْطِرُ بِمَا دَخَلَ فِي إِحْلِيلِهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ لَا يُفْطِرُ بِهِمَا، وَإِنَّمَا يُفْطِرُ بِمَا وَصَلَ إِلَى جَوْفِهِ مِنْ فَمِهِ.

وَالدَّلَالَةُ عَلَى مَالِكٍ هُوَ أَنَّ كُلَّ مَا أَفْسَدَ الصَّوْمَ كَثِيرُهُ أَفْسَدَهُ قَلِيلُهُ كَالْأَكْلِ وَالدَّلَالَةُ عَلَى أبي حنيفة يَنْفَذُ إِلَى الْجَوْفِ يُفْطِرُ بِالْخَارِجِ مِنْهُ وَهُوَ الْمَنِيُّ، فَوَجَبَ أَنْ يُفْطِرَ بِالْخَارِجِ مِنْهُ كَالْفَمِ يُفْطِرُ بِمَا دَخَلَ مِنْهُ، وَهُوَ الْأَكْلُ، وَبِمَا خَرَجَ مِنْهُ، وَهُوَ الْقَيْءُ وَالدَّلَالَةُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ هُوَ أَنَّهُ ذَاكِرٌ لِلصَّوْمِ أَوْصَلَ إِلَى جَوْفِهِ بِاخْتِيَارِهِ مَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، فَوَجَبَ أَنْ يُفْطِرَ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا دَاوَى جُرْحَهُ بِدَوَاءٍ وَصَلَ إِلَى جَوْفِهِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ، فَقَدْ أَفْطَرَ بِهِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يابساً.

<<  <  ج: ص:  >  >>