للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عِنْدِي فَلَا نَقُولُ إِنَّهُ فَرْضٌ، وَلَوْ جَعَلْتَهُ فَرْضًا لَمْ يَكُنْ ظُهْرًا، وَأَنْتَ تَمْنَعُ مِنَ اخْتِلَافِ الْفَرْضَيْنِ

وَالثَّالِثُ: إِنْ قُلْتَ لَوْ صَلَّى بِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ فَلَوْ سَهَا الْإِمَامُ فَصَلَّاهَا كَانَتْ فَرْضَهُ، وَكَانَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ بِالْجَمَاعَةِ نَافِلَةً فَأَجَزْتَ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ خَلْفَ النَّافِلَةِ

فَإِنْ قِيلَ كَانَتْ لَهُمْ فَرْضًا حِينَ أَمَّهُمْ، وَإِنَّمَا صَارَتْ نَافِلَةً لِفِعْلِهِ الْجُمُعَةَ فَقَدْ سَقَطَ الْفَرْضُ بِالْفَرْضِ

قِيلَ: هَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ الْفَرْضَ إِذَا صَحَّ لَمْ يَنْقَلِبْ نَفْلًا، وَلَوْ جَازَ لَكَ أَنْ تَقُولَ هَذَا جَازَ لَنَا أَنْ نَقُولَ إِنَّ فَرْضَهُمْ سَقَطَ حِينَ صَارَتْ صَلَاتُهُمْ نَافِلَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(مَسْأَلَةٌ)

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا أَحَسَّ الْإِمَامُ بِرَجُلٍ وَهُوَ رَاكِعٌ لَمْ يَنْتَظِرْهُ وَلْتَكُنْ صَلَاتُهُ خَالِصَةً لِلَّهِ تَعَالَى "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَالَ المُزني: وَرَأَيْتُ فِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِانْتِظَارِهِ، وَالْأَوَّلُ عِنْدِي أَوْلَى بِالصَّوَابِ؛ لِتَقْدِيمِهَا عَلَى مَنْ قَصَّرَ فِي إِتْيَانِهَا، وَهَذَا كَمَا قَالَ انْتِظَارُ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ قَوْمًا يُدْرِكُونَ الْجَمَاعَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: ضَرْبَانِ يُكْرَهَانِ وَضَرْبٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَأَمَّا الضَّرْبَانِ الْمَكْرُوهَانِ:

فَأَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْتَظِرَ فِي صَلَاتِهِ اجْتِمَاعَ النَّاسِ وَتَكَاثُرَهُمْ، فَيُبْطِلُ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَقِرَاءَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ لِيَكْثُرَ جَمْعُهُمْ، وَيَتَلَاحَقَ آخِرُهُمْ بِأَوَّلِهِمْ

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ انْتِظَارُهُ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ يَخُصُّهُ بِهِ، إِمَّا إِكْرَامًا لِذِي مَوَدَّةٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ إِعْظَامًا لِذِي رِيَاسَةٍ أَوْ مَهَابَةٍ، فَهَذَانِ الضَّرْبَانِ مِنَ الِانْتِظَارِ مَكْرُوهَانِ لِأَنَّ فِيهِ إِسْقَاطَ حَقِّ السَّابِقِ الْحَاضِرِ بِانْتِظَارِ مَنْ لَيْسَ بِحَاضِرٍ، وَتَرْكَ الْخُشُوعِ بِقَضَاءِ الْحُقُوقِ

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّالِثُ: فَهُوَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ

وَصُورَتُهُ: أَنْ يُحِسَّ الْإِمَامُ وَهُوَ رَاكِعٌ بِرَجُلٍ يُرِيدُ الدُّخُولَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرْهُ وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ، كَانَ أَوْلَى وَأَفْضَلَ. وَإِنِ انْتَظَرَهُ لِيُدْرِكَ الرَّكْعَةَ مَعَهُ جَازَ، وَهَلْ يُكْرَهُ لَهُ وَيَكُونُ مُسِيئًا بِهِ أَمْ لَا، عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ: لَا يُكْرَهُ لَهُ وَلَا يَكُونُ مُسِيئًا بَلْ هُوَ مُبَاحٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة؛ فَقَدْ أَشْرَكَ بَيْنَ الْعَمَلِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وتعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>