للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: الْمُرَادُ بِهِ الِاقْتِدَاءُ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ أَفْعَالِهِ دُونَ نِيَّتِهِ، وَمَا خَفِيَ مِنْ أَفْعَالِهِ لِأَنَّ فِي الِابْتِدَاءِ بِهَا تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ وَذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، فَلَمْ يَصْرِفِ الْخَبَرَ إلا إلى أَمْكَنَ تَكْلِيفُهُ مِنْ أَفْعَالِهِ الظَّاهِرَةِ، أَلَا تَرَاهُ قال: فإذا كبر فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا

وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَخْتَلِفُوا عَلَى أَئِمَّتِكُمْ "

وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْجُمُعَةِ، فَالْمَعْنَى فِي الْجُمُعَةِ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ شَرْطِهَا الْإِمَامُ كَانَ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ يُوَافِقَ نِيَّةَ الْإِمَامِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الْإِمَامُ شَرْطًا فِي سَائِرِ الْفَرَائِضِ لَمْ تَكُنْ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي النِّيَّةِ شَرْطًا فِيهَا وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى اخْتِلَافِهَا فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَدِلُّ بِهِ حَنَفِيًّا: انْتَقَضَ عَلَيْهِ بِالْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ، وَإِنْ كَانَ مَالِكِيًّا: قيل قياسك هذا يعترض عليه بالسنة الثانية وَالْإِجْمَاعِ الْمُنْعَقِدِ، وَيَنْكَسِرُ بِصَلَاةِ الْمُقِيمِ خَلْفَ الْمُسَافِرِ قَدِ اخْتَلَفَتْ نِيَّاتُهُمَا وَتَفَاضَلَتْ أَفْعَالُهُمَا؟ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ وَأَنْتَ مَعَهُمْ عَلَى جَوَازِهَا

ثُمَّ يُقَالُ لأبي حنيفة قَدْ نَاقَضْتَ أَصْلَكَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ

أَحَدُهَا: أَنَّكَ مَنَعْتَ مِنَ اخْتِلَافِ الْفَرْضَيْنِ وَأَجَزْتَ النَّذْرَ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ

وَإِنْ قَالَ صَلَاةُ النَّذْرِ وَاجِبَةٌ وَلَيْسَتْ فَرْضًا قِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَنَا، ثُمَّ فِي الْمَنْعِ مِنَ اخْتِلَافِ الْفَرْضَيْنِ هُوَ أَنَّ نِيَّةَ الْمَأْمُومِ تَضَمَّنَتْ زِيَادَةً لَمْ تَتَضَمَّنْهَا نِيَّةُ إِمَامِهِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْمَنْذُورَةِ

وَالثَّانِي: أَنَّكَ قُلْتَ إِذَا سَجَدَ الْإِمَامُ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ لِسَهْوٍ وَقَعَ فِيهَا ثُمَّ أَدْرَكَهُ مُؤْتَمٌّ فَأَحْرَمَ خَلْفَهُ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَلَيْسَ سُجُودُ السَّهْوِ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَفِي هَذَا نَقْضٌ لِأَصْلِكَ، فَإِنْ قَالَ: سُجُودُ السَّهْوِ عِنْدِي وَاجِبٌ، فَقَدْ صَلَّى مُفْتَرِضٌ خَلْفَ مفترض

<<  <  ج: ص:  >  >>